قال:"وقد اختلف أصحاب الفلك في أعلى الأفلاك، فقال قوم منهم وهم الجمهور: أنها سبعة وأن أعلاها الفلك السابع وهو فلك الكواكب الثابتة، وأنه لا فلك وراءه، وقال آخرون منهم: بل هناك فلك ثامن فوق الفلك السابع يحرك الكواكب كلها حركة شرقية" وذكر علتهم ومنعهم صحتها.
قال:"وقال أكثرهم أن هذا اللون اللازوردي الذي يُرى للسماء هو لون السماء، وقال آخرون منهم ومن الصابئة والمسلمين: هو لون معترض بيننا وبين الفلك، وكذلك قالوا فيما يُرى من لون الكواكب والشمس والقمر، وقال آخرون منهم: أن لون الفلك البياض وإنما يُرى لازوردي لوقوع شعاع الشمس عليه وهو إلى الزرقة يتبين كذلك، وقال فيما زعم بعضهم: أن ضوء جميع النجوم من الشمس لا من ذواتها كما أن ضوء القمر من قبل الشمس لا من ذاته".
قال:"وهذا أيضًا من أمحل المحال وأظهر الأمور فسادًا".
قال:"وبَيَّنَّا أن ضوء القمر ليس من الشمس وأن ذلك لا دليل عليه، وأن الدليل يوجب خلاف ما قالوه".
قال:"وفي حُذاق الفلاسفة من يقول: أن الكواكب لا ألوان ولا شعاع لشيء منها، وأنه لا يقبل اللون ولا الشعاع إلا الأجسام الطبيعية المركبة، والأفلاك مما فوق الطبيعة".
وذكر قول الذين يقولون:"أن الفلك يسير من المشرق إلى المغرب وأن الكواكب تسير من المغرب إلى المشرق". قال:"وهذا خلاف العيان؛ لأننا نرى النجوم كلها سائرة من المشرق إلى المغرب فلو كان الأمر كما ذكروا من أن النجوم تسير من المغرب والمشرق، والفلك يسير من المشرق إلى المغرب توجب أن تكون الشمس والقمر وأكثر هذه النجوم لا تظهر لنا إلا في كل حين ودهر من الدهور الطويلة".
وحكى قول من زعم من الفلاسفة: أن الأرض هي المتحرك والفلك هو الساكن، وقول بعضهم: أن القمر إنما يؤثر في ضيائه وصفائه غازات الأرض إذا دنا منها.
قال:"ويقال لهم: قد قال أكثركم: أن ضياء القمر ليس من طبعه وذاته، ولكن من مقابلة الشمس واتصال شعاعها بجوهره، فيجب لذلك أن تكون الشمس فاعلة للقمر ومدبرة له وهذا جهل عظيم".
قال:"ويقال له: بقي عليك إفساد ما نقوله نحن المسلمون وأهل كل ملة من أن حركات الأفلاك ليست بنفسيِّةٍ ولا طبيعية، بل هي من قبل غيره الذي هو محركٌ له حركة دائمة سرمدية إلى حيث شاء تسكينه، فدل على فساده إن كنت قادرًا على ذلك".