وأخرجه مسلم (٢٤٦٦) - (١٢٤) من طريق عَبْدِ اللهِ بْنِ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، به، دون قول البراء وجابر. وسيأتي [٩٢٥] من طريق سفيان الثوري، و [٩٢٧] من طريق أبي معاوية، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، بنحوه.
قال ابن حجر في شرحه للحديث: قَالَ جَابِرٌ ذَلِكَ إِظْهَارًا لِلْحَقِّ وَاعْتِرَافًا بِالْفَضْلِ لِأَهْلِهِ، فَكَأَنَّهُ تَعَجَّبَ مِنَ الْبَرَاءِ كَيْفَ قَالَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ أَوْسِيٌّ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا وَإِنْ كُنْتُ خَزْرَجِيًّا - وَكَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ مَا كَانَ - لَا يَمْنَعُنِي ذَلِكَ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَالْعُذْرُ لِلْبَرَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَغْطِيَةَ فَضْلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَإِنَّمَا فَهِمَ ذَلِكَ، فَجَزَمَ بِهِ، هَذَا الَّذِي يَلِيقُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ تَعَصُّبِهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ عُمَرَ مَا أَنْكَرَهُ الْبَرَاءُ فَقَالَ: إِنَّ الْعَرْشَ لَا يَهْتَزُّ لِأَحَدٍ. ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَجَزَمَ بِأَنَّهُ اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، أَخْرَجَ ذَلِك ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنْهُ. فتح الباري (٧/ ١٢٣). أخرج الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤١٧٠) من طريق أَبِي غَسَّانَ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيِّ، عن عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عن عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵁ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللهِ سَعْدًا، قَالَ: ثُمَّ قَالُوا: وَمَا الْعَرْشُ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، لَقَدْ تَفَسَّخَتْ أَعْوَادُهُ، أَوْ عَوَارِضُهُ، وَإِنَّهُ عَلَى رِقَابِنَا وَأَكْتَافِنَا، وَكَانَ آخِرُ مَنْ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ النَّبِيُّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ سَعْدًا ضُغِطَ فِي قَبْرِهِ ضَغْطَةً، فَسَأَلْتُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُ»، وَقَرَأَ: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ [يوسف: ١٠٠] قَالَ: السَّرِيرُ. وأخرجه الطحاوي في المصدر نفسه (٤١٧١) من طريق يحيى الحِمَّانِيِّ، عن عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ بْنِ غَزْوَانَ، كلاهما عن عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، به، ورفع قوله: «اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللهِ سَعْدًا»، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. وأخرجه الحاكم (٤٩٢٤) من طريق ابْنُ فُضَيْلٍ، به. وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. ووافقه الذهبي. إسناده ضعيف، عبد السلام وابن فُضَيل: رويا عن عطاء بعد الاختلاط، وذكر الدارقطني في العلل (٢٨٠٦) راوياً ثالثاً عنه، وهو حماد بن سَلَمَةَ، ولكنه روى عن عطاء قبل الاختلاط وبعده، فلم تتميز روايته هنا. وقد أعلَّ ابن حجر هذا الخبر عن ابن عمر، فقال: [هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَن ابن عُمَرَ. وَفِي حَدِيثِ عَطَاءٍ مَقَالٌ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنِ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ … قَالَ الْحَاكِمُ: الْأَحَادِيثُ الَّتِي تُصَرِّحُ بِاهْتِزَازِ عَرْشِ الرَّحْمَنِ مُخَرَّجَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلَيْسَ لِمُعَارِضِهَا فِي الصَّحِيحِ ذِكْرٌ]. فتح الباري (٧/ ١٢٤). وحاصل الأمر: أنه لم يَثْبُتْ إنكار اهتزاز عرش الرحمن عن ابن عمر ﵁. ثم إنَّ ابن حَجَرٍ ذكر - فيما سبق النقل عنه - أن ابن عمر رجع عن ذلك، قال: [أَخْرَجَ ذَلِك ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنْهُ]. ولم أجده في صحيحه.