للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ - أنه يمكن رؤية ما ليس في جهة، ومن أنكر ذلك فلا يقدر على انكار رؤية الإنسان نفسه في المرآة، ومعلوم أنه ليس في مقابلة نفسه (١).

٥ - أن رؤية غير الأجسام ممكنة وذلك لما يلي:

الأول: أن الشيء لا يخلو أن يُرى من جهة ما هو ملوَّن، أو من جهة أنه جسم، أو من جهة أنه لون، أو من جهة أنه موجود، وربما من جهات أخر غير هذه الموجودة، وباطل أن يُرى من قِبَل أنه جسم؛ إذ لو كان ذلك كذلك لما رُئي ما هو غير جسم، وباطل أن يُرى من قبل أنه ملوَّن؛ إذ لو كان كذلك لمارئي اللون، وباطل أن يُرى لمكان أنه لون؛ إذ لو كان ذلك كذلك لمارئي الجسم، وإذا بطلت جميع هذه الأقسام التي تُتوهم في هذا الباب فلم يبق أن يُرى الشيء إِلا من قبل أنه موجود.

الثاني: أن الحواس إنما تُدركُ ذوات الأشياء وما تنفصل به الموجودات بعضها من بعض، وهي أحوال ليست بذوات، فالحواس لا تدركها وإنما تدرك الذات، والذات هي نفس الوجود المشترك لجميع الموجودات، فإذًا: الحواس إنما تُدرِكُ الشيء من حيث هو موجود (٢).

* * *


(١) انظر: الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي (ص ٤٣).
(٢) انظر: مناهج الأدلة لابن رشد (ص ١٨٧ - ١٨٩) وبيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (٢/ ٤٤٢ و ٤٤٥) ودرء تعارض العقل والنقل له (٦/ ٢٣٠ - ٢٣٣).