للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الراجز (١): وَإِن وَرَدْنا آجِنًا جَهَرْناه (٢).

ويقال: للبكرة جهرة.

ذكر عبد الواحد بن عبد الكريم الزملكاني في كتاب التبيان، ما ذكره الزمخشري: "أن (لن) لتأكيد ما تعطيه (لا) من نفي المستقبل. وقال: أنه بنى ذلك على مذهبه في الاعتزال، إلى أن قال: وضح لك سر الإتيان بـ (لن) في قوله: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣] حيث لم يرد به النفي مطلقًا، بل في الدنيا، وبـ (لا) في قوله: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] حيث أريد نفي إدراك الأبصار على الإطلاق، وهذا يؤذنك أن الرؤية مغايرة للإدراك خلافًا لبعضهم (٣)، ولذلك قال : "إِنَّكمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ" ولم يأت بالإدراك" (٤).

٣١٥ - وفي صحيح مسلم في حديث أبي هريرة: "إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، … الحديث. فَيَقولُ - يَعْنِي الله ﷿: "هَلْ رَأَوْني؟ " قَالَ: "فَيَقُولُونَ: لا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ؟ " قَالَ: "فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ " قَالَ: "يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا" (٥).

٣١٦ - عن أبي أمامة الباهلي قال: "خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا، كَانَ أَكْثَرُ خُطْبَتِهِ ذِكْرُ الدَّجَّالِ يُحَذْرنَاه، حَدَّثَنَا عَنْه، حتى فرغ من خطبته .. فذكر الحديث بطوله. وفيه فَيَقُول - يعني الدَّجَّالِ -: أَنَا نَبِيّ، وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي، ثمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُم، وَهُوَ أَعْوَر، وَإِنَّ رَبَّكم تَبَارَكَ


(١) رؤبة بن عبد الله العجاج بن رؤبة التميمي السعدي.
(٢) هو شطر بيت: أَو خَالِيا مِن أَهْلِه عَمرْناه.
قال ابن منظور في تفسيره: أي من كثرتنا نزفنا البئار وعمرنا الخراب. انظر: لسان العرب (٤/ ١٥١). ولم أقف عليه في ديوانه المطبوع.
(٣) كالمعتزلة ومن وافقهما.
(٤) انظر: التبيان لابن الزملكاني (ص: ٨٤ - ٨٦).
(٥) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب فضل ذكر الله ﷿، (٨/ ٨٦)، برقم (٦٤٠٨) مرفوعًا. ومسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل مجالس الذكر، (٤/ ٢٠٦٩)، برقم (٢٥/ ٢٦٨٩) بمعناه، مرفوعًا.