للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾ [الكهف: ١١٠] كما فسروها بالرؤية غير واحد من السلف (١).

وثامنها أو تاسعها: قوله: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)[يس: ٥٨] مع تفسيرها نظر أنه: ﴿الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦].

وعاشرها: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ [ق: ٣٥] مع التفسير، كقوله: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا﴾ [التوبة: ٧٧] وقوله: ﴿إِنَّكَ كَادِحٌ﴾ [الانشقاق: ٦] ومن أثبت أن الكافر يراه في القيامة استدل بآية اللعان، وبقوله: ﴿وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام: ٣٠] وقوله: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً﴾ [الملك: ٢٧]. وأما السنة فمفسرة مستفيضة مع إجماع السلف. وشبَّه والله أعلم أن لذة النظر إليه لما كانت مما لا يعرفها إلا الخاصة لم يقع الوعد بها إلا مستنبطًا للخاصة، فإن المقرين بها من أهل السنة قد اختلفوا في حصول اللذة بها، والرب إنما يَعدِ عباده من النعيم بما يعرفون جنسَه، وما لا يعرفونه يدخل في قوله: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ﴾ [السجدة: ١٧] أو ﴿وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ [ق: ٣٥] بل لذة النظر لا تدرك في المعنى، فإن اللذة والألم لا تدرك إلا بإدراك نفسه أو إدراك نظيره، فما كان في الجنة من اللذات التي ليس لها نظير في الدنيا، فإنه لا يدرك، ولا يُقيد الوعد بوجوده لعدم شوق النفوس إليه، ولذة النظر إنما يعرفها الخاصة، وما عرفوها ابتداءً، لكن بعد معارف كثيرة، فلذلك وقع الوعد بها مجملًا مبهمًا، لكن فسرتها السنة".

قلت: آيات الرؤية شديدة على المعتزلة الذين يرون إثبات الصفات تشبيهًا وتجسيمًا، ولهذا قال الجاحظ في كتاب التوحيد: "إن القول بالرؤية هو (خطيئة) (٢) المول بالتجسيم و (التسليم) (٣) إليه، وهو بابه الذي منه يلجون وبه يتشبثون، ولأن أصحابها أكثر، والخصومة فيها أظهر، وحالهم في العامة أحسن". وذكر قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)


(١) وأجمع أهل اللغة في قوله تعالى: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣]: أن اللقاء هاهنا لا يكون إلا معاينةً ونظرًا بالأبصار. انظر: الإبانة الكبرى لابن بطة (٧/ ٦٢).
(٢) أقرب قراءة لها.
(٣) أقرب قراءة لها.