للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد موت زنكي سنة ٥٤٠ هـ انقسمت مملكته إلى قسمين، قسم بالموصل ويحكمه ابنه سيف الدين غازي (١)، وقسم بحلب ويحكمه ابنه الآخر نور الدين محمود (٢).

وكان لها رحمها اللَّه تعالى دور عظيم في الجهاد في سبيل اللَّه ضد الصليبيين، ولكن للملك العادل نور الدين محمود في ذلك دورٌ عظيمٌ، إضافة إلى إقامة السُّنة والدين ونشر العدل، والقضاء على بدع الرافضة وغيرهم، "فلما انقضى أجله قام ابنه نور الدين محمود مقامه في ولاية الإسلام ثم قصد حلب ودخل قلعتها المحروسة على أسعد طائر وأيمن بركة يوم الاثنين سابع ربيع الآخر ورتب في القلعة والمدينة النواب وأنعم على الأمراء وخلع عليهم وأظهر بحلب السنة حتى أقام شعار الدين وغير البدعة التي كانت لهم في التأذين وقمع بها الرافضة المبتدعة ونشر فيها مذاهب أهل السنة الأربعة وأسقط عنهم جميع المؤن، ومنعهم من التوثب في الفتن، وبنى بها المدارس، ووقف الأوقاف، وأظهر فيها العدل والإنصاف" (٣).

وقد ضم الملك العادل نور الدين محمود إلى مملكته دمشق، فاستم له حكم الشام، وضم بعد ذلك مصر، وأنهى حكم الدولة الباطنية العبيدية بها (٤).

وكان من قواد الملك نور الدين محمود، الأمير أسد الدين شيركوه (٥) وابن أخيه السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، وكان لصلاح الدين الأيوبي بعد ذلك عظيم الدور في قتال الصليبيين وفتح بيت المقدس وتطهيره من رجس الصليبيين.


(١) غازي بن زنكي بن آقسنقر التركي، السلطان سيف الدين ابن الأتابك عماد الدين صاحب الموصل، كان منطويا على خير وديانة، يحب العلم وأهله، وفيه كرم، وشجاعة وإقدام، وبنى بالموصل مدرسة، ولم تطل مدته حتى توفي في جمادى الآخرة، وقد جاوز الأربعين، توفي سنة ٥٤٤ هـ. انظر: التاريخ للذهبي (١١/ ٨٦٣).
(٢) انظر: الكامل لابن الأثير (٩/ ١٤٤).
(٣) انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (٥٧/ ١١٨ - ١٢١).
(٤) انظر: النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية لبهاء الدين بن شداد (ص ٧٨).
(٥) شيركوه بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني، الملك المنصور، فاتح الديار المصرية، أسد الدين شيركوه بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني، الكردي، أخو الأمير نجم الدين أيوب، قدم الأخوان الشام، وخدما، وتنقلت بها الأحوال إلى أن صار شيركوه من أكبر أمراء نور الدين، وصار مقدم جيوشه، وكان أحد الأبطال المذكورين، والشجعان الموصوفين، ترعب الفرنج من ذكره، ثم جهزه نور الدين في جيش إلى مصر لاختلال أمرها، وطمع الفرنج فيها، وتوفي فيها سنة ٥٦٤ هـ. انظر: السير للذهبي (٢٠/ ٥٨٧).