• قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية وقد سُئل عنه:(وللناس فيه قولان: أحدهما: أن هذه الصعقة يوم القيامة هي غير الصعقة المذكورة في القرآن، وهي صعقة الموت قبل القيام لرب العالمين، فإن الله ذكر في كتابه نفخة الفزع بقوله: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [سورة النمل: ٨٧]. وذكر النفختين في قوله: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [سورة الزمر: ٦٨]. فذكر ثلاث نفخات، وذكر هذه الصعقة المذكورة في القرآن وهي صعقة الموت قبل القيام لرب العالمين.
والقول الثاني: أنها الصعقة المذكورة في القرآن. وعلى هذا فتكون هذه الصعقة تُميت الأحياء، فيصيرون موتى كالذين ماتوا قبلهم، ويكون الذي أصابهم في هذه الصعقة ما صاروا به في حكم المصعوقين، إذ المراد بالصعقة، وإن كان الإماتة للأحياء فهو يتناول غير الإماتة. تم بعد هذه الصعقة يقوم من القبور من مات قديمًا وحديثًا، ونبينا ﷺ أول من تنشق عنه الأرض، وتكون تلك الصعقة قد نالت ممن تقدم موته ما حصل له بها نوع من الصعق لا سيما من كان حيًا في قبره، والأنبياء أحياء في قبورهم، وقد قال طائفة في قوله: ﴿يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [سورة يس: ٥٢]. أنهم ينامون قبل القيامة نومة، فإذا جاز أن ينام الموتى جاز أن يجعل لهم نوع من الصعق فإن الصعق يتناول الغشي والإغماء والموت ونحو ذلك مما يُغيب العقل، كل هذا يسمى صعقًا، والمصعوق المغشي عليه، وموسى خَرّ صعقًا بالإغماء ولم يمت).