للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ابن حامد: نقل عنه شيخ الإسلام أنه قال: (فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا الْأَصْلُ فِي نُزُولِ ذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ صِفَةٍ وَلَا حَدٍّ، فَإِنَّا نَقُولُ: إنَّهُ بِانْتِقَالِ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، إلَّا أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَتْ: يَنْزِلُ مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ مِنْ مَكَانِهِ كَيْفَ شَاءَ. وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا لَا غَيْرَهُ) (١).

قال ابن القيم: (أَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ: "إِنَّهُ نُزُولُ انْتِقَالٍ"، فَهُوَ مُوَافِقٌ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ) (٢).

أدلة أصحاب هذا القول:

١ - أن هذا حقيقة النزول عند العرب، وهذا على ظاهر الأحاديث التي فيها أنه يرتفع عند الفجر بعد نزوله في الثلث الآخر (٣).

٢ - أن حديث النزول قد رواه جماعة من الصحابة ، لم ينقل عن أحد منهم: (لا يخلو منه العرش) (٤).

مناقشة:

ما ذكروه في دليلهم الأول: هو حقيقة نزول أجسادهم، وليس حقيقة نزول الرب كنزول المخلوق.

كما أنه ليس كحقيقة نزول بعض المخلوقات، فالروح مثلا تصعد وقت النوم، وهي لا تزال في البدن لا تفارقه إلا عند الموت.

والألفاظ في اللغة ذات القدر المشترك لا يلزم منها التماثل، وتكون مقيدة بحسب إضافتها

وأما ما ذكروه في دليلهم الثاني: قال ابن تيمية: (القائلون بذلك لم يقولوا: إن هذا اللفظ في الحديث، وليس في الحديث أيضًا أنه لا يخلو منه العرش أو يخلو منه العرش، كما يدعيه المدعون لذلك، فليس في الحديث لا لفظ المثبتين لذلك، ولا لفظ النفاة له) (٥).


(١) مجموع الفتاوى لابن تيمية (٦/ ١٦٤ - ١٦٥).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة (ص ٤٧٠).
(٣) المسائل العقدية من كتاب الروايتين والوجهين (ص ٦٠). وحديث الارتفاع سيأتي [١١١٤].
(٤) شرح حديث النزول، لابن تيمية (ص ٤٥).
(٥) شرح حديث النزول، لابن تيمية (ص ٤٥).