للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وجه الدلالة من الحديثين:

استدلَّ أبو عبد الله ابن حامد بدلالة اللُّزوم؛ فالنُّزول في لغة العرب معناه: انْحِطَاطٌ من عُلُوٍّ (١).

قال ابن فارس: النُّون والزَّاء واللاَّم كلمة صحيحة تدلُّ على هبوط شيء ووقوعه. ونزل عن دابَّته نزولاً. ونزل المطر من السَّماء نزولاً (٢).

هذه هي حقيقة النُّزول عند العرب؛ أن يكون بحركة وانتقال، والقرآن الكريم نزل بلغة العرب، والله ﷿ يخاطبنا بها، وليس في العقل ولا في النَّقل ما يُحِيْلُ الانتقالَ عليه؛ فإنَّه كالمجيء والإتيان والذَّهاب والهبوط، هذه أنواع الفعل اللاَّزم القائم به، كما أنَّ الخَلْقَ والرِّزْقَ والإماتة والإحياء والقبض والبسط أَنْوَاعٌ للفعل المتعدِّي، وهو -سبحانه- مَوْصُوْفٌ بالنَّوْعَيْنِ، وقد يجمعهما، كَقَوْلِهِ: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [يونس: ٣].

والانتقال جنس لأنواع المجيء والإتيان والنُّزول والهبوط والصُّعود والدُّنُوِّ والتَّدلِّي ونحوها، وإثبات النَّوع مع نفي جنسه جمع بين النَّقيضين، كما أنَّه ليس في القول بلازم النُّزول والمجيء والإتيان والاستواء والصعود محذور البتَّة، ولا يستلزم ذلك نقصًا ولا سَلْبَ كمال، بل هو الكمال نفسه، وهذه الأفعال كمال ومدح؛ فهي حَقٌّ دَلَّ عليه النَّقْلُ، وَلَازِمُ الْحَقِّ حَقٌّ (٣).

مناقشة:

القول باللُّزوم هنا باطل؛ لأنَّ القائل بالنُّزول هو الله ورسوله ، ولم يُخْبِرِ اللهُ ولا رسولُه أنَّ نزوله بانتقال، فبطل الإلزام (٤).


(١) تاج العروس من جواهر القاموس، الزبيدي (٣٠/ ٤٧٨)، مادة: نزل.
(٢) مقاييس اللغة، لابن فارس (٥/ ٤١٧)، مادة: نزل.
(٣) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (ص ٤٧٠).
(٤) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (ص ٤٧٢).