للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو بكر المَرُّوذِيُّ (١): جاءني كتاب من دمشق، فعرضته على أبي عبد الله، فنظر فيه، وكان فيه أنَّ رجلاً ذكر حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ أنَّ الله خَلَقَ الخَلْقَ حتَّى إذا فرغ منهم قامت الرَّحم، فأخذت بحَقْوِ الرَّحمن، وكان الرَّجل تلقَّاه -يعني حديث أبي هريرة- فرفع المحدِّث رأسه فقال: أَخَافُ أن تكون كفرت. فقال أبو عبد الله: هذا جهمي.

وقال أبو طالب: سمعت أبا عبد الله سئل عن حديث هشام بن عمَّار أنَّه قرأ عليه حديث «يجيء الرَّحم» يوم القيامة فتتعلَّق بالرَّحمن، فقال: أَخَافُ أن تكون قد كَفَرْتَ. فقال: هذا شاميٌّ، ما له ولهذا؟ قلت: ما تقول؟ قال: يمضي الحديث على ما جاء (٢).

وقال أبو موسى المديني: وفي الحَدِيثِ: "إنَّ الرَّحِمَ أَخَذَتْ بحُجْزة الرَّحْمن" … وإجراؤه على ظاهره أَوْلَى (٣).

وقال القنوجيُّ (٤): ومن صفاته سبحانه: اليد، واليمين .... والحَقْو (٥).

أدلة أهل التأويل:

- الدليل الأول: عن ابْنِ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ : إِنَّ الرَّحِمَ شُجْنَةٌ آخِذَةٌ بِحُجْزَةِ الرَّحْمَنِ، يَصِلُ مَنْ وَصَلَهَا، وَيَقْطَعُ مَنْ قَطَعَهَا (٦).

وجه الدلالة من الحديث:

قالوا: المراد بالحجزة هنا قائمة العرش، يدلُّ على ذلك ما رواه أَبِو سَعِيدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ


(١) أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ المَرُّوذِيُّ، مضت ترجمته في صفحة (٤١).
(٢) بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، لابن تيمية (٦/ ٢١٠).
(٣) المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، أبو موسى المديني (١/ ٤٠٥).
(٤) محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لُطْف الله الحسيني البخاري القنوجي، أبو الطيّب: من رجال النهضة الإسلامية المجددين. ولد ونشأ في قنوج (بالهند) وتعلم في دهلي. وسافر إلى بهوبال طلبا للمعيشة، ففاز بثروة وافرة، وتزوج بملكة بهويال، ولقب بنواب عالي الجاه أمير الملك بهادر. له نيف وستون مصنفا بالعربية والفارسية والهندسية. توفي سنة (١٣٠٧ هـ). الأعلام، للزركلي (٦/ ١٦٨).
(٥) قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر، القنوجي (ص ٧١).
(٦) تقدم تخريجه في صفحة (٧٤).