للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي السنة التي تليها سأل بركياروق من الخليفة العباسي أن يعهد إليه بالسلطة، فخُطب له ببغداد وعُهد إليه بها، وذلك في عام ٤٨٧ هـ (١).

وكذلك امتد الصراع بين بركياروق وبين عمه تُتُشَ بن ألب أرسلان الذي حكم دمشق وحلب وعددًا من بلدان الشام، فحصل بينهما قتال استمر إلى أن تغلب عليه بركياروق وقتله بالقرب من مدينة الري في سنة ٤٨٨ هـ، حيث هزم شش وقتل في المعركة (٢).

وكذلك خرج السلطان محمد بن ملكشاه (٣)، وخطب لنفسه ببغداد، وحصل بينه وبين أخيه بركياروق حروب طويله، وصراع على السلطة، استمر مدة اثنتي عشرة سنة (٤).

قال ابن كثير: "وكانت له مع بركياروق خمس وقعات هائلة" (٥).

وكانا يقتتلان مرات، ويصطلحان مرات، إلى أن تم الصلح بينهما في آخر الأمر (٦).

وقال ابن الأثير: "وكان سببه أن الحروب تطاولت بينهما، وعم الفساد، فصارت الأموال منهوبة، والدماء مسفوكة، والبلاد مخربة، والقرى محرقة، والسلطنة مطموعًا فيها، محكومًا عليها، وأصبح الملوك مقهورين، بعد أن كانوا قاهرين، وكان الأمراء الأكابر يؤثرون ذلك ويختارونه ليدوم تحكمهم، وانبساطهم، وإدلالهم" (٧).

وبعد تلك الحروب والوقائع والخسائر توفي بركياروق.

قال ابن كثير: "جرت له خطوب كثيرة، وحروب هائلة، وأحوال متباينة، خطب له ببغداد ست مرات، وعزل عنها ست مرات، وكان عمره يوم مات أربعًا وعشرين سنة وشهورًا، وقام من بعده ولدُه ملكشاه


(١) انظر: السير للذهبي (١٨/ ٣٢٣).
(٢) انظر: المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء الأيوبي (١/ ٢١٢).
(٣) السلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه، أول ما خطب له بغداد في ذي الحجة سنة ٤٩٢ هـ وقطعت خطبته عدة مرار، ولقي من المشاق والأخطار ما لم يلقه أحد، إلى أن توفي أخوه بركياروق، فحينئذ استقرت له السلطنة وصفت له، ودانت البلاد وأصحاب الأطراف لطاعته، وكان اجتماع الناس عليه بعد موت أخيه اثنتي عشرة سنة وستة أشهر، وكان عادلًا حسن السيرة شجاعًا وأطلق المكوس والضرائب في جميع البلاد، توفي سنة ٥١١ هـ. انظر: عيون الروضتين لابن خلكان (١/ ١٠٧).
(٤) انظر: المصدر السابق (١/ ١٠١).
(٥) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٦/ ١٦٨).
(٦) انظر: السير للذهبي (١٩/ ٤٠٥).
(٧) انظر: الكامل لابن الأثير (٧/ ٤٩٣).