للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومؤسسها هو برقوق بن أنص العثماني، لقب بذلك نسبة إلى تاجر الرقيق عثمان بن مسافر الذي جلبه إلى مصر.

وكان برقوق ذكيًا بارعًا فأعجب به سيده وأعتقه بعد أربع سنين.

في آخر عهد المماليك البحرية ومع كثرة الفتن، كان برقوق يساند الأمراء ويعاونهم بشكل ظاهر وواضع، وفي الوقت نفسه كان يمهد لنفسه لتولي الحكم، وقد وضع خطة قائمة على قاعدتين:

الأولى: العمل سرًا للقضاء على كبار الأمراء حتى تتاح له الفرصة للوصول إلى منصب يمكنه من خلاله الهيمنة على الجيش ثم الدوائر الحكومية.

الثانية: إخفاء اتجاهه العنصري (١).

ولما توفي الملك المنصور علي بالطاعون سنة ٧٣٨ هـ، ونُصب أخوه صلاح حاجي للسلطنة كان عصره لا يتجاوز أحد عشر عامًا، ولصغر سنة فقد اشترك معه برقوق في تدبير أمر الدولة، وصارت له الصفة العليا في تدبير أمر السلطان وتوجيهه، ويدل ذلك على مدى ما وصل له من النفوذ.

واستغل برقوق ذلك ليمكن ويقوي نفسه، فزاد عدد البرجية، وملأ وظائف الدولة بأعوانه وأنصاره، وتقرب إلى الناس عن طريق إلغاء المكوس وعمل على تحسين الحالة الاقتصادية في البلد. فكثر أنصاره ومحبيه.

هذا في الداخل، أما في الخارج فقد جاء في ذاك الوقت هجوم على حلب من قبل التركمان واستطاع برقوق هزيمتهم وطردهم.

فأظهر للناس أنه الرجل القادر على حماية الدولة وتوفير الأمن لها.

ولسمعته ونفوذه فقد دبر له أعداؤه مؤامرة لقتله، فكشف برقوق المؤامرة.

وكانت هذه المؤامرة واحد من سلسلة مؤامرات كثيرة حيكت للوقوف بوجه العنصر الجركسي ومنعه للوصول للحكم، وجاء فشلها إيذانا بقيام دولة المماليك البرجية.

ومع تشجيع أنصاره أزال برقوق الحكم من السلطان، وأعلن الحكم لنفسه، ولقب


(١) انظر: (تاريخ المماليك ص: ٣١٤).