للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي يوم الاتنين الثالث والعشرين منه نودي في البلد أن يصوم الناس ثلاثة أيام، وأن يخرجوا في اليوم الرابع، وهو يوم الجمعة إلى عند مسجد القدم يتضرعون إلى الله، ويسألونه في رفع الوباء عنهم، فصام أكثر الناس، ونام الناس في الجامع، وأحيوا الليل كما يفعلون في شهر رمضان، فلما أصبح الناس يوم الجمعة السابع والعشرين منه، خرج الناس من كل فج عميق إلى الصحراء، واليهود، والنصارى، والسامرة، والشيوخ، والعجائز، والصبيان، والفقراء، والأمراء، والكبراء، والقضاة، من بعد صلاة الصبح، فما زالوا هنالك يدعون الله تعالى حتى تعالى النهار جدا، وكان يوما مشهودا.

وفي يوم الخميس عاشر جمادى الأولى صلى الخطيب بعد صلاة الظهر على ستة عشر ميتًا حملة واحدة، فتهول الناس من ذلك، وانذعروا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وصلي بعد الصلاة على خمسة عشر ميتا بجامع دمشق، وصلي لمجامع الخيل على إحدى عشرة نفسا، … وفي منتصف شهر جمادى الآخرة قوي الموت وتزايد، وبالله المستعان، ومات خلائق من الخاصة والعامة ممن نعرفهم، وغيرهم، ، وأدخلهم جنته، وكان يصلى في أكثر الأيام في الجامع على أزيد من مائة ميت، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وبعض الموتى لا يؤتى بهم إلى الجامع، وأما حول البلد وأرجائها فلا يعلم عدد من يموت بها إلا الله ﷿.

وفي يوم الاثنين ثاني عشره بعد أذان الظهر حصل بدمشق، وما حولها ريح شديدة أثارت غبارا شديدا اصفر الجو منه، ثم أسود حتى أظلمت الدنيا، وبقي الناس في ذلك نحوا من ربع ساعة يجأرون إلى الله ﷿، ويستغفرون، ويبكون، مع ما هم فيه من شدة الموت الذريع، ورجا الناس أن هذا الحال يكون ختام ما هم فيه من الطاعون، فلم يزدد الأمر إلا شدة، وبالله المستعان) (١).

ومما حصل أيضًا ما ذكره ابن كثير في عام ست وستين وسبعمائة قائلًا: (وفي العشر الأول من رجب وُجد جراد كثير منتشر، ثم تزايد، وتراكم، وتضاعف، وتفاقم الأمر بسببه، وأتلف للناس شيئا كثيرا، وعدم للناس غلات كثيرة، وأشياء من أنواع الزروع بسبب كثرة الجراد، فإنا لله وإنا إليه راجعون) (٢).


(١) انظر: (البداية والنهاية ص: ١٨/ ٥٠٢ - ٥٠٧) باختصار وتصرف.
(٢) انظر: (البداية والنهاية ١٨/ ٦٨٨) باختصار.