القدر لغة: القضاء والحكم ومبلغ الشيء، وهو ما يقدره الله ﷿ من القضاء ويحكم به من الأمور. انظر: (لسان العرب مادة قدر: ٥/ ٧٤)، (لقاموس المحيط ص: ٤٦٠)، (النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ٢٢). وشرعاً: هو تقدير الله تعالى الأشياء في القدم، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده، وعلى صفات مخصوصة، وكتابته سبحانه لذلك ومشيئته له، ووقوعها على حسب ما قدرها وخلقه لها. انظر: (القضاء والقدر لعبد الرحمن المحمود ص: ٣٩، ٤٠). نشأة القول بالقدر ومراحله: لم يكن في عهد النبى ﷺ شقاق وابتداع في أمور العقيدة ومنها القدر، وقد حذر النبي ﷺ من بدعة القدر وقال: "القدرية مجوس هذه الأمة، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم". رواه أبو داود برقم: (٤٦٩١)، وابن ماجه برقم: (٩٢). قال ابن الأثير: (إنما جعلهم مجوسًا؛ لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس، في قولهم بالأصلين وهما النور والظلمة، يزعمون أن الخير من فعل النور، والشر من فعل الظلمة. وكذا القدرية يضيفون الخير إلى الله، والشر إلى الإنسان والشيطان، والله تعالى خالقهما معًا. لا يكون شيء منهما إلا بمشيئته، فهما مضافان إليه، خلقًا وإيجادًا، وإلى الفاعلين لهما، عملًا واكتسابًا.). (النهاية في غريب الحديث والأثر ٤/ ٢٩٩). ثم بعد موت النبي ﷺ وفي عهد الخلفاء الراشدين ظهرت بدعة الخوارج والشيعة وبقي الحال كما هو حى ظهرت القدرية في عام (٢٦ هـ). وقد مرت القدرية بمراحل وأطوار. الطور الأول: ويتلخص قولهم في القدر: بأن الله لم يقدر أفعال العباد ولم يكتبها وأن الأمر أنف ولم يكن في علم الله. وهذا القول الأول قاله معبد الجهني ثم غيلان الدمشقي وأتباعهم. وأول ظهورها في البصرة علي يدّ معبد الجهني، وهناك من يقول أنه تلقاها من (سوسيه). انظر: (دراسات في الأهواء والفرق والبدع للدكتور ناصر العقل ٢/ ١٣٩،١٣٨)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ثمَّ فِي آخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ حَدَثَتْ (الْقَدَرِيَّةُ: وَأَصْلُ بِدْعَتِهِمْ كَانَتْ مِنْ عَجْزِ عُقُولِهِمْ عَنْ الْإِيمَانِ بِقَدَرِ =