للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له قسم إِلا ادخر له ما هو أعظم منه، أو تعوذ فيها من شر مكتوب عليه، إِلا أعاده اللَّه من أعظم منه، قلت: ما هذه النكتة السوداء فيها؟ قال: هي الساعة تقوم يوم الجمعة، وهو سيد الأيام عندنا، ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد، قال: قلت: ولم تدعونه يوم المزيد؟ قال: إن ربك أعد في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل تعالى من عليين على كرسيه، ثم حف الكرسي بمنابر من نور، ثم جاء النبيون حتى يجلسوا عليها، ثم يجيء أهل الجنة حتى يجلسوا على الكثيب، ثم يتجلى لهم ربهم ، فينظروا إلى وجهه ﷿، وهو يقول: أنا الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، وهذا محل كرامتي فسلوني، فيسألونه الرضا، فيقول: رضائي أحلكم داري، وأنالكم كرامتي، فسلوني فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم، فيفتح لهم عند ذلك ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، إلى مقدار منصرف الناس من يوم الجمعة، ثم يصعد ﷿ على كرسيه، ويصعد معه الصديقون والشهداء، ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم، درة بيضاء لا فصم (١) فيها ولا وصل، أو ياقوتة خضراء، أو زبرجدة حمراء فيها ثمارها منها غرفها وأبوابها، مطردة فيها أنهارها، متدلية فيها أزواجها وخدمها، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة؛ ليزدادوا فيه كرامة، وليزدادوا نظرا إلى وجهه ﷿، ولذلك سُمِّيَ يوم المزيد". أو كما قال ذلك الآجري (٢).

وحدثناه أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا عبد الأعلى. فذكر هذا الحديث بطوله إلى آخره.

وحدثناه أبو بكر بن أبي داود (٣). وذكر فيه غير طريق أنس عن النبي نحو ما ذكرناه.

وقال لنا ابن أبي داود: أبو طيبة اسمه رجاء بن الحارث ثقة (٤). قال: وعثمان بن عمير يُكنى أبا اليقظان (٥).


(١) الفصم: أن ينصدع الشيء فلا يبين، تقول: فصمته فانفصم. انظر: النهاية لابن الأثير (٣/ ٤٥٢).
(٢) أخرجه الآجري في كتاب الشريعة (٢/ ١٠٢٢) ومن طريقه المؤلف كما هنا، وانظر طرقه في تخريج الحديث (رقم ٢٥).
(٣) أبو بكر عبد اللَّه بن سليمان بن الأشعث السجستاني الإمام، العلامة، الحافظ، شيخ بغداد، أبو بكر السجستاني، صاحب التصانيف. ولد: بسجستان في سنة ٢٣٠ هـ، وكان من بحور العلم، بحيث إن بعضهم فضله على أبيه. صنف السنن والمصاحف وشريعة المقارئ والناسخ والمنسوخ، والبعث وأشياء. توفي سنة ٣١٦ هـ. انظر: السير للذهبي (١٣/ ٢٢١).
(٤) هناك رواية أخرى عن ابن أبي داود يقول فيها: "غير ثقة". انظر: لسان الميزان لابن حجر (٣/ ٤٦٥) تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة. الناشر: دار البشائر الإسلامية. الطبعة الأولى ٢٠٠٢ م.
(٥) هذا كله كلام الإمام الآجري في كتابه السابق.