للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو الحسن محمد بن يوسف العامري (١) وهو من الفلاسفة الإسلاميين في كتابه الفصول الربانية للمباحث النفسانية: "وليس شك أن هذا العقل الفعال هو الهداية السارية، وهو أعني هذا العقل منائر للأجسام، وإن كان ساريًا فيها مستعليًا على جميعها، ولا يجوز أن يكون أزلي الوجود؛ لأنه في الحقيقة إشراق من الفلك الأعلى، وقد دلت الدلائل الربانية على حدوث الفلك الأعلى وأنه لم يبق إلا أن يكون وجوده بحسب الإبداع الإلهي نحو العرش والكرسي، ولا سيما إذ قال الحكماء أن العرش هو جرم الفلك المستقيم، وأنه ليس فوقه جرم آخر، وأن العقل الفعال قوة ساطعة من جرمه نحو سطوع الشعاع من القرص، وهذا ما وجدت الأجرام الأُخر كلها طائعة له، فأما الكرسي فهو جرم الفلك الحامل، ومنه يسطع على الأجرام طبيعة الكل" (٢).

قلت: "إنما أحكي هذيان أمثال هذا، كما أحكي النقول التي فيها الصحيح والسقيم لمعرفة المذاهب والآراء".

٣٧٧ - وقال أبو إسحاق الجوزجاني: حدثنا الحسن بن الربيع (٣)، حدثنا عبد الجبار بن الورد (٤) قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: كان عبد اللَّه بن عمرو يصلي في جوف الليل وقد شق القمر ليغيب، فمرَّ به العلاء ابن طارق (٥) فوقف يستمع، فقال: "مالك يا ابن أخي؟ أتعجب أن أبكي؟ فواللَّه إن هذا القمر ليبكي الساعة من خشية اللَّه، أما واللَّه لو تعلمون حق العلم لبكي أحدكم حتى ينقطع صوته وسجد حتى ينكسر صلبه" (٦).

٣٧٨ - أخبرتنا ست الفقهاء قالت: أنبأنا محمد بن سعيد بن أبي البقاء بن الخازن (٧)، أنبأنا أبو العلاء محمد ابن جعفر بن عقيل (٨)، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النَّرسي (٩) إذنًا، أنبأنا عبيد اللَّه بن علي بن أبي قِرْبَةَ


(١) أبو الحسن محمد بن يوسف العامري النيسابوري، أحد الفلاسفة المنتسبين للإسلام توفي عام ٣٨١ هـ. انظر: تاريخ ابن عساكر (٧١/ ٩١) وكتاب الإعلام بمناقب الإسلام لأبي الحسن العامري نفسه (ص ٧ - ١١).
(٢) كتاب الفصول الربانية للمباحث النفسانية لأبي الحسن العامري مفقود. وكلامه عن النفس والعقل من تخبطات الفلاسفة.
(٣) الحسن بن الربيع البجلي أبو علي الكوفي البُوراني ثقة من العاشرة ع. التقريب لابن حجر (رقم ١٢٤١).
(٤) عبد الجبار بن الورد المخزومي مولاهم المكي أبو هشام صدوق بهم من السابعة د س. نفس المصدر (رقم ٣٧٤٥).
(٥) لم أجد ترجمته فيما بين يدي من المصادر.
(٦) أخرجه أيضًا ابن عساكر في تاريخه (٣١/ ٢٦٧).
(٧) محمد بن سعيد بن أبي البقاء الموفق بن علي. أبو بكر ابن الخازن النيسابوري ثم البغدادي الصوفي، مسند بغداد كان صيِّنا متدينا حسن السمت من أعيان الصوفية، توفي سنة ٦٤٣ هـ. انظر: السير للذهبي (٢٣/ ١٢٥) والتاريخ له (١٤/ ٤٦٩).
(٨) محمد بن جعفر بن عقيل، أبو العلاء البصري، ثم البغدادي، المقرئ،، توفي سنة ٥٩٧ هـ. انظر: التاريخ للذهبي (١٢/ ٦٣٢).
(٩) محمد بن علي بن ميمون بن محمد، الحافظ أبو الغنائم الترسي، الكوفي، المقرئ، يُعرف بِأُبَيٍّ، كان حافظا ثقة متقنا ما رُئي مثله، كان يتهجد ويقوم الليل، توفي سنة ٥١٠ هـ. انظر: السير للذهبي (١٩/ ٢٧٤) والتاريخ له (١١/ ١٤٢).