للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا أبان بن يزيد (١)، حدثنا قتادة (٢)، عن أبي العالية (٣)، عن ابن عباس: أن رجلًا لعن الريح، فقال النبي : "لا تلعنها؛ فإنها مأمورة، وأنه من لعن شيئًا ليس له بأهل، رجعت اللعنة عليه" (٤).

قال أبو محمد بن قتيبة في كتاب تأويل مشكل القرآن: "وقوله: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١)[فصلت] فدلت هذه الآيات على أنه خلق الأرض قبل السماء".

وقال في موضع آخر: ﴿أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)[النازعات] "فدلت هذه الآية على أنه خلق السماء قبل الأرض، وليس على كتاب اللَّه تحريف الجاهلين، ولا غلط المتأولين. وإنما كان يجد الطاعن متعلقًا ومقالًا لو قال: "والأرض بعد ذلك خلقها أو ابتدأها أو أنشأها " وإنما قال: دحاها فابتدأ الخلق للأرض على ما في الآي الأول في يومين، ثم خلق السموات وكانت دخانًا في يومين، ثم دحا بعد ذلك الأرض، أي: بسطها ومدها، وكانت ربوة مجتمعة، وأرساها بالجبال، وأنبت فيها النبات في يومين، فتلك ستة أيام سواءً للسائلين، وهو معنى قول ابن عباس، وقال مجاهد بعد ذلك في هذا الموضع: بمعنى "مع ذلك" و"مع" و"بعد" في كلام العرب سواء" (٥).


(١) أبان بن يزيد العطار البصري أبو يزيد ثقة له أفراد خ م د ت س. المصدر السابق (رقم ١٤٣).
(٢) قتادة بن دعامة السدوسي أبو الخطاب البصري ثقة ثبت ع. تقدمت ترجمته في الحديث (رقم ٢٤).
(٣) رُفيع بن مهران أبو العالية الرِّياحي ثقة كثير الإرسال ع. التقريب لابن حجر (رقم ١٩٥٣).
(٤) أخرجه أبو داود (رقم ٤٩٠٨) والترمذي (رقم ١٩٧٨) وابن حبان (رقم ٥٧٤٥) والطبراني (رقم ٩٥٧) والبيهقي في الآداب (رقم ٣٣٧) وفي الشعب (رقم ٤٨٦٤) والضياء في المختارة (رقم ١٨، ١٩) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٥٢٨).
تابع زيدًا: مسلم بن إبراهيم، عن أبان به مثله. أخرجه أبو داود (٤٩٠٨) ومن طريقه البيهقي في الشعب (رقم ٤٨٦٥).
تنبيه: قال الطبراني بعد أن أخرجه: "لم يروه عن قتادة إلا أبان، ولا عن أبان إلا بشر تفرد به زيد بن أخزم".
قلت: لم يتفرد به زيد بن أخزم، فرواه أيضًا عبيد اللَّه بن سعيد أبو قدامة، عن بشر كما عند ابن حبان والبيهقي في الشعب.
وكذلك لم يتفرد به بشر عن أبان، فقد رواه مسلم بن إبراهيم عنه أيضًا كما عند أبي داود.
(٥) تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (ص ٤٧ - ٤٨).