للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا لكَ، فما لنا؟ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين … } الآيةَ (١).

وفي هذا ردٌّ على طائفةٍ يقولونَ: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك}: (وهو ذنبُ آدمَ)، {وما تأخر}: (ذنبُ أمَّتِه)، فإن هذا القولَ - وإن لم يقُلْه أحدٌ من الصحابةِ والتابعينَ ولا أئمةِ المسلمينَ - فقد قالَه طائفةٌ من المتأخِّرينَ (٢)، ويظُنُّ بعضُ الجُهالِ أنه قولٌ شريفٌ، وهو كذِبٌ على اللهِ وتحريفٌ؛ فإنه قد ثبَتَ أن الناسَ يومَ القيامةِ يأتونَ آدمَ فيعتذِرُ إليهم، ويذكُرُ خطيئتَه (٣)، فلو كان {ما تقدَّمَ} ذنبُ آدمَ؛ لم يعتذر، وقد قالت له الصحابةُ: (هذا لكَ، فما لنا؟)، فلو كان ما تأخَّرَ مغفرةَ ذُنوبِهم؛ لكان قال: هذا لكم.

وأيضًا: فقد قال: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}.

وأيضاً: كيفَ تُضافُ ذُنوبُ الفُسَّاقِ إليه، يُجعَلُ الزنا، والسرقةُ، وشربُ الخمرِ ذنبًا له؟! {ولا تزر وازرة وزر أخرى}، وأيُّ فرقٍ بينَ ذنبِ آدمَ ونوحٍ وإبراهيمَ، وكلُّهم آباؤُه، وقد قال تعالى في غيرِ موضعٍ: {فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا


(١) رواه البخاري (٤١٧٢)، ومسلم (١٧٨٦)، بنحوه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) نسبة الثعلبي في تفسيره إلى عطاء الخراساني. ينظر: تفسير الثعلبي ٩/ ٤٢.
(٣) رواه البخاري (٣٣٤٠)، ومسلم (١٩٤)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>