للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفعلوا مثلَ هذه الأعمالِ، ولما بايعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم هندًا بنتَ عُتْبةَ بنِ ربيعةَ -أمَّ معاويةَ- بيعةَ النساءِ على ألا يسرقْنَ، ولا يزنينَ، قالت: «أَوَتَزْنِي الحُرَّةُ؟!» (١)، فما كانوا في الجاهليةِ يعرفونَ الزنا إلا للإماءِ، وكذا اللواطُ، فأكثرُ الأممِ لم تعرفْه، ولم يكُنْ يُعرَفُ في العربِ قطُّ.

ولكن الذنوبَ تتنوَّعُ، وهي كثيرةٌ لها شُعَبٌ، كالتي هي من بابِ الضلالِ في الإيمانِ، والبدعِ التي هي من جنسِ العُلُوِّ في الأرضِ، والفخرِ، والخيلاءِ، والحسدِ، والكِبْرِ، والرياءِ، هي في الناسِ الذينَ هم متعففونَ عن الفواحشِ.

وكذلك الذنوبُ التي هي تَرْكُ الواجباتِ؛ كالإخلاصِ، والتوكُّلِ على اللهِ، ورجاءِ رحمتِه، وخوفِ عذابِه، والصبرِ على حُكْمِه، والتسليمِ لأمرِه، والجهادِ، والأمرِ بالمعروفِ، والنهيِ عن المنكَرِ، ونحوِه، وتحقيقُ ما يجبُ من المعارفِ والأعمالِ يطولُ.

فإذا عُلِم ذلك؛ فظُلْمُ العبدِ نفْسَه يكونُ بتَرْكِ ما ينفَعُها وهي محتاجةٌ إليه، أو بفعلِ ما يضُرُّها؛ كما أن ظُلْمَ الغيرِ كذلك؛ إمَّا بمَنْعِ حقِّه، أو التعدي.

والنفْسُ إنما تحتاجُ من العبدِ إلى فعلِ ما أمَر اللهُ به، وإنما يضُرُّها فعلُ ما نهَى عنه، فظُلْمُها لا يخرجُ عن تركِ حسنةٍ، أو فعلِ سيئةٍ، وما


(١) رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٤٧٥٤)، من حديث عائشة رضي الله عنها، ورواه ابن سعد في الطبقات (٨/ ٩)، من مرسل الشعبي، وروى نحوه الحاكم في المستدرك (٦٩٣٠)، من حديث فاطمة بنت عتبة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>