للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولمَّا ذكر ما أوجَبَه من العدلِ وحرَّمَه من الظُّلمِ على نفْسِه وعلى عبادِه؛ ذكر إحسانَه إلى عبادِه مع غِناه عنهم وفقْرِهم إليه، وأنهم لا يقدرونَ على جلبِ منفعةٍ لأنفسِهم، ولا دَفْعِ مضرَّةٍ؛ إلا أن يكونَ هو الميسِّرَ لذلك، وأمر العِبادَ أن تسأله ذلك، وأخبَر أنهم لا يقدِرونَ على نفعِه ولا ضُرِّه؛ مع عِظَمِ ما يوصِلُ إليهم من النَّعماءِ، ويَدفعُ عنهم من البلاءِ.

وجلبُ المنفعةِ ودفْعُ المضَرَّةِ: إما أن يكونَ في الدِّينِ أو في الدُّنيا، فصارت أربعةَ أقسامٍ: الهدايةُ، والمغفرةُ؛ وهما جلبُ المنفعةِ ودفعُ المضَرَّةِ في الدِّينِ، والطعامُ، والكِسوةُ؛ وهما جلبُ المنفعةِ ودفعُ المضَرَّةِ في الدنيا.

وإنْ شئتَ قلتَ: الهدايةُ والمغفرةُ يتعلقان بالقلبِ الذي هو مَلِكُ البدنِ، وهو الأصلُ في الأعمالِ الإراديةِ، والطعامُ والكِسوةُ يتعلقانِ بالبدنِ؛ الطعامُ لجلبِ المنفعةِ، والكِسوةُ لدفعِ المضرَّةِ، وفتحُ الأمرِ بالهدايةِ؛ فإنها وإن كانت الهدايةُ النافعةُ هي المتعلقة بالدِّين؛ فكلُّ أعمالِ الناسِ تابعةٌ لهدايةِ اللهِ إيَّاهم، قال: {والذي قدر فهدى}، {وهديناه النجدين}، {إنا هديناه السبيل}.

ولهذا قيلَ: الهدايةُ أربعةُ أقسامٍ:

أحدُها: الهدايةُ إلى مصالحِ الدُّنيا.

الثاني: الهدى بمعنى دعاءِ الخلقِ إلى ما ينفعُهم، وأمْرِهم بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>