للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُخْذَلُ، كما أن من دخل في التوكُّلِ وترَك ما أُمِر به من الأسبابِ؛ فهو جاهلٌ ظالمٌ عاصٍ للهِ بل قال: {فاعبده وتوكل عليه}، {إياك نعبد وإياك نستعين}.

وفي هذا ردٌّ على مَن (١) جَعَل السببَ نقصًا أو قدحًا في التوحيدِ والتوكلِ، وأن تَرْكَه من كمالِ التوحيدِ والتوكلِ، وهُم مَلْبوسٌ عليهم، وقد يقترِنُ بذلك اتباعُ الهَوى، ومَيلُ النفسِ إلى البَطالةِ، ولهذا تجِدُ عامةَ هذا الضرْبِ يتعلَّقون بأسبابٍ دونَ ذلك؛ إما بالخلقِ رغبةً ورهبةً، وإما أن يتركوا واجباتٍ أو مستحَبَّاتٍ أنفعَ لهم من ذلك.

وفوقَ هؤلاء من يجعلُ التوكُّلَ والدعاءَ نقصًا عن الخاصَّةِ؛ ظنًّا أن مَن لاحَظَ ما فُرِغ منه في القَدَرِ هو حالُ الخاصةِ، فقد قال: «كلُّكم جائعٌ وكلُّكم عارٍ إلا من أطعمتُه وكسوتُه، فاستَطْعِموني أُطْعِمْكم، واستَكْسوني أكْسُكم»، وإنما غلِطوا لظنِّهم أن التقديرَ يمنعُ أن يكونَ بالسببِ، كمن يتزندَقُ ويتركُ الأعمالَ الواجبةَ؛ بناءً على أن القدرَ قد سبَقَ، أو لم يعلَمْ أن القدرَ قد سَبَقَ بالأمورِ على ما هي عليه من أسبابِها.

وطائفةٌ تظنُّ أن التوكلَ من مقاماتِ الخاصَّةِ المتقربين بالنوافلِ، وكذلك قولُهم في أعمالِ القلبِ من الحُبِّ والرجاءِ والخوفِ والشكرِ


(١) زاد في الأصل هنا: (قال) وزيادتها خطأ، قال في مجموع الفتاوى ١٨/ ١٨٣: (وفي هذه النصوص بيان غلط طوائف: طائفة تضعف أمر السبب المأمور به فتعده نقصًا أو قدحًا في التوحيد والتوكل وأن تركه من كمال التوكل والتوحيد).

<<  <  ج: ص:  >  >>