للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحوِه، وهذا ضلالٌ مبينٌ، بل جميعُ هذه الأمورِ فرضٌ على الأعيانِ باتفاقِ أهلِ الإيمانِ.

وقولُه: «يا عبادي إنكم تُخْطئون بالليلِ والنهارِ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعًا» فالمغفرةُ العامةُ نوعان:

أحدهما: المغفرةُ لمن تاب، وهذه عامةٌ في جميعِ الذنوبِ على الصحيحِ؛ خلافًا لمن يستثني بعضَ الذنوبِ؛ كتوبةِ الداعيةِ إلى البدعِ لا تُقبَلُ باطنًا، وكتوبةِ القاتلِ ونحوِه؛ لأن اللهَ قد بين أنه يتوبُ على أئمةِ الكفرِ- الذين هم أعظمُ من [أئمة] (١) البدعِ- وغيرِها، والتوبةُ العامَّةُ كما في قولِه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا}.

النوعُ الثاني من المغفرةِ العامةِ التي دلَّ عليها قولُه: «يا عبادي إنكم تُخْطئون بالليلِ والنهارِ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعًا»: المغفرةُ بمعنى تخفيفِ العذابِ، أو تأخُّرِه إلى أجلٍ مسمًّى، وهذا عامٌّ مطلقًا، ولهذا شَفَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أبي طالبٍ مع موتِه على الشركِ، فنُقِل من غمرةٍ من نارٍ فجُعِل في ضَحْضاحٍ (٢)، ومنه قولُه: {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة}، {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.


(١) زيادة من مجموع الفتاوى ليستقيم المعنى.
(٢) رواه البخاري (٣٨٨٣)، ومسلم (٢٠٩) من حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>