للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للفقير المحتاج؛ بحيثُ يُنفِقُها على نفْسِه وعِيالِه في بيتِه، ويقضي بها دَيْنَه، وفي حاجاتِه.

وليس في المسلمِينَ من يُنكِرُ صرفَ الصدقاتِ وفاضلِ أموالِ المصالحِ إلى الفقراءِ والمساكينِ، ومَن نقَل ذلك فهو إما جاهلٌ، أو كافرٌ بالدينِ، أو يكونُ النقلُ عنه كذِبًا أو مُحرَّفًا، فأما مَن هو متوسطٌ في العلمِ فلا يَخْفى عليه ذلك، ولا يَنْهى عن ذلك، ولكن قد اختَلطَ في هذه الأموالِ السلطانيةِ الحقُّ والباطلُ، فأقوامٌ كثيرونَ من ذوي الحاجاتِ والدينِ والعلمِ؛ لا يُعطَى أحدُهم كِفايتَه، ويتمزَّقُ جوعًا، وهو لا يسألُ، ومَن يعرفُه فليس عندَه ما يُعطيه، وأقوامٌ كثيرون يأكلونَ أموالَ الناسِ بالباطل، ويصُدُّونَ عن سبيلِ اللهِ، قومٌ لهم رواتِبُ أضعافُ حاجاتِهم، وقومٌ لهم رَواتبُ معَ غِناهم، وقومٌ يتولونَ جهاتٍ كمساجدَ وغيرِها، فيأخذونَ معلومَها، ويَسْتنيبونَ مَن يُعطونَه شيئًا يسيرًا، وأقوامٌ في الربطِ والزوايا يأخذونَ ما لا يستحِقُّونَ، ويأخذونَ فوقَ حقوقِهم، ويَمْنعونَ مَن يَستحِقُّ، وهذا موجودٌ في مواضعَ كثيرةٍ لا يُنازِعُ في وقوعِه أحدٌ.

ولا يستريبُ مسلمٌ أن السعيَ في تمييزِ المستحقِّ من غيرِه، وإعطاءَ الولاياتِ والأرزاقِ مَن هو أحقُّ بها، والعدلَ بينَ الناسِ وفعلَه بحسَبِ الإمكانِ: هو من أفضلِ عملِ وُلاةِ الأمورِ؛ بل ومِن أوجَبِها عليهم، فإن اللهَ تعالى يأمُرُ بالعدلِ والإحسانِ، والعدلُ واجبٌ على كلِّ أحدٍ في كلِّ شيءٍ، وكما أن النظرَ في الجندِ المقاتلةِ، والعدلَ بينَهم، وزيادةَ مَن يستحِقُّ الزيادةَ، ونَقْصَ مَن يستحِقُّ النقصَ، وإعطاءَ العاجزِ عن الجهادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>