للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمثالُ هذه الأمورِ التي يُتسبَّبُ بها على المتشيِّعينَ العثمانيةِ والعلويةِ، وكلٌّ منَ الشيعتين مقرَّةٌ مع ذلك بأنَّ معاويةَ ليس كُفُؤاً لعليٍّ بالخلافةِ، ولا يجوزُ أن يكونَ خليفةً معَ إمكانِ استخلافِ عليٍّ، فإن فضلَ عليٍّ وسابقتَه وعلمَه ودينَه وشجاعتَه وسائرَ فضائلِه؛ كانت عندَهم ظاهرةً معروفةً، كفضلِ إخوانِه؛ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وغيرِهم، ولم يكُنْ بقِيَ من أهلِ الشورى غيرُه وغيرُ سعدٍ؛ لكنَّ سعدًا قد ترك هذا الأمرَ، وكان الأمرُ قد انحصرَ في عثمانَ وعليٍّ، فلما تُوُفِّي عثمانُ؛ لم يبقَ لها معينٌ إلا عليٌّ رضي الله عنه، وإنما وقع الشرُّ بسببِ قتلِ عثمانَ، فحصَل بذلك قوةُ أهلِ الظلمِ والعدوانِ، وضعْفُ أهلِ العلمِ والإيمانِ؛ حتى حصل من الفرقةِ والاختلافِ ما صار يُطاعُ فيه مَن غيرُه أَوْلى منه بالطاعةِ، ولهذا أمر اللهُ بالطاعةِ والائتلافِ، ونهى عن الفرقةِ والاختلافِ.

وأما الحديثُ الذي فيه: «إن عمارًا تقتُلُه الفئةُ الباغيةُ»، فقد طعَن فيه طائفةٌ من أهلِ العلمِ، لكن رواه مسلمٌ في صحيحِه، وهو في بعضِ نسخِ البخاريِّ (١).

وقد تأوَّلَه بعضُهم على أن المرادَ بالباغيةِ: الطالبةُ بدمِ عثمانَ، كما قالوا:

نبغي ابنَ عَفَّانَ بأطرافِ الأَسَلْ (٢)


(١) رواه البخاري (٤٤٧) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، ورواه مسلم (٢٩١٦) من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
(٢) البيت للحارث الضبي، قاله يوم الجمل، ينظر: تاريخ الطبري ٤/ ٥١٨، لكنه فيه: (ننعي) بدل: (نبغي)، وقبله: (نحن بني ضبة أصحاب الجمل).
والأسل: الرماح. ينظر: الصحاح ٤/ ١٦٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>