للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوجِبًا لإثْمِه؛ فضلًا عن أن يُوجِبَ فسقَه، والذينَ يقولونَ بقتالِ البُغاةِ المتأولينَ لا يحكمونَ بفِسْقِهم؛ بل هم باقونَ على عدالتِهم، وقتالُهم لدفعِ ضررِ بَغْيِهم، لا عقوبةً لهم، كما يُمنَعُ الصبيُّ والمجنونُ والنائمُ والناشئُ من عُدوانٍ يصدُرُ منهم؛ بل البهائمُ تُمنَعُ من العُدوانِ، ويجبُ على مَن قَتَل مؤمنًا خطأً؛ الديةُ بالنصِّ، معَ أنه لا إثمَ عليه، وهكذا من رُفِع إلى الإمامِ من أهلِ الحدودِ، وتاب بعدَ القدرةِ عليه؛ يقامُ عليه الحدُّ، والتائبُ من الذنبِ كمَن لا ذنبَ له.

ثم بتقديرِ أن يكونَ البغيُ بغيرِ تأويلٍ يكونُ ذنبًا؛ والذنوبُ تزولُ عقوبتُها بأسبابٍ متعددةٍ؛ كالتوبةِ، والحسناتِ، والمصائبِ، والشفاعةِ، وعفوِ أرحمِ الراحمينَ.

ثم إن: «عَمَّارًا تقتُلُه الفئةُ الباغيةُ»؛ ليس نصًّا في معاويةَ وأصحابِه؛ بل يمكنُ أن يرادَ تلك العصابةُ التي حمَلَتْ عليه حتى قتلَتْه، وهي طائفةٌ من العسكرِ، ومَن رضي بقتلِ عمارٍ كان حكمُه حكمَها، ومن المعلومِ أن العسكر كانَ فيهِ مَن لم يرضَ بقتلِه؛ كعبدِ اللهِ بن عمرو (١) بنِ العاصِ وغيرِه؛ بل كلُّ الناسِ كانوا مُنكِرِينَ لقتلِ عمارٍ؛ حتى معاويةُ وعمرُو بنُ العاصِ وغيرُهما، ويُروَى أن معاويةَ تأوَّلَ أن الذي قتلَه هو الذي جاء به إلى سيوفِ (٢) مقاتلَتِه (٣)، وأن عليًّا رد ذلك بقولِه: «فنحنُ إذن قتَلْنا


(١) قوله: (بن عمرو) سقط من الأصل. والمثبت من (ك) و (ز).
(٢) في الأصل: سنون. والمثبت من (ك) و (ز).
(٣) رواه أحمد (١٧٧٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>