للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النافلة، في الأمكنةِ التي يُحتاجُ فيها إلى الجهادِ كالثغورِ، فكيفَ برميِ النُّشَّابِ؟!

ورُوِي: «إن الملائكةَ لم تحضرْ شيئًا من لَهْوِكم إلا الرميَ» (١)، ورُوِي: أن قومًا كانوا يتناضلونَ، فحضَرتِ الصَّلاةُ، فقال: يا رسولَ اللهِ، قد حضَرتِ الصَّلاةُ؟ فقال: «هم في صلاةٍ» (٢)، وما كان كذلك لم يكن من الميسرِ الذي حرَّمَه اللهُ؛ بل هو من الحقِّ، كما قال: «كلُّ لَهْوٍ يلهو به الرجلُ فهو باطلٌ؛ إلا رميَه بقوسِه، أو تأديبَه فرسَه، أو مُلاعَبَتَه امرأتَه؛ فإنَّهُنَّ من الحقِّ» (٣).

وحينئذٍ فأكلُ المالِ بهذه الأعمالِ؛ أكلٌ بالحقِّ لا بالباطلِ، كما قال في حديثِ الرُّقْيَةِ: «لعَمْري، لَمَن أكلَ برقيةِ باطلٍ؛ لقد أكلتُم برقيةِ حقٍّ» (٤)، فجعل كونَ العملِ نافعًا؛ لا يُنهَى عنه، بل إذا أكل به المالَ فقد أكلَ بحقٍّ، وهنا هذا العملُ نافعٌ للمسلمِينَ، مأمورٌ به، لم يُنْهَ عنه،


(١) رواه ابن أبي شيبة (٣٣٥٦٧)، وسعيد بن منصور (٢٤٥٣)، من مرسل مجاهد، وروياه في موطن آخر موقوفًا عليه من قوله.
ورواه الطبراني في الكبير (١٣٤٧٤)، وتمام في فوائده (١٦١٧)، من طريق مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا.
(٢) رواه أبو الشيخ الأصبهاني في كتابه الرمي والسهام، نقله عنه السخاوي في (القول التام في فضل الرمي بالسهام ق ٦٣/ أ).
(٣) رواه أحمد (١٧٣٠٠)، وأبو داود (٢٥١٣)، والترمذي (٤/ ١٧٤)، والنسائي (٣٥٧٨)، وابن ماجه (٢٨١١)، من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه.
(٤) رواه أحمد (٢١٨٣٥)، وأبو داود (٣٤٢٠)، من حديث خارجة بن الصلت عن عمه رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>