فالمعنى الذي لأجلِه حرَّم اللهُ أكلَ المالِ بالقمارِ؛ هو أن يأكلَ المالَ بالباطلِ، وهذا أكلٌ بالحقِّ.
وأما المخاطرةُ؛ فليس في الأدلةِ الشرعيةِ ما يوجبُ تحريمَ كلِّ مخاطرةٍ؛ بل قد عُلِم أن اللهَ ورسولَه لم يُحرِّم كلَّ مخاطرةٍ، ولا كلَّ ما كان متردِّدًا بين أن يغنمَ أو يغرمَ أو يسلمَ، وليس في أدلةِ الشرعِ ما يوجبُ تحريمَ جميعِ هذا النوع، لا نصًّا ولا قياسًا، ولكن يحرُمُ من هذه الأنواعِ ما يشتملُ على أكلِ المالِ بالباطلِ، والموجِبُ للتحريمِ عندَ الشارعِ: أنه أكلُ مالٍ بالباطلِ، كما يحرُمُ أكلُ المالِ بالباطلِ وإن لم يكُنْ هناك مخاطرةً، لا أن مجرَّدَ المخاطرةِ محرَّمة؛ مثلُ المخاطرةِ على اللعبِ بالنَّرْدِ والشِّطْرَنْجِ؛ بل لما فيه من أكلِ المالِ بالباطلِ، وهو ما لا ينفعُ، فلو جعل السلطانُ أو أجنبيٌّ مالًا لمن يغلبُ في ذلك؛ لما جاز، وإن لم يكُن هناك مخاطرةً، وكذلك لو جعل أحدُهما جُعْلًا، وكذلك لو أَدخلا بينهما محلِّلًا، فعُلِم أن ذلك لم يحرَّمْ لأجلِ المخاطرةِ، لا سيَّما وجمهورُ العلماءِ يُحرِّمونَ هذا العملَ وإن خلا عن عِوَضٍ.
وأما أخذُ العِوَضِ في المسابَقةِ والمصارَعةِ؛ فهنا الأعمالُ لم تُجعَلْ في الأصلِ لأجل عبادةِ اللهِ تعالى وطاعتِه وطاعةِ رسولِه، فلهذا لم يحضَّ الشارعُ عليها، ولا رغَّب فيها، إنما يُقصَدُ بها في الغالبِ راحةُ النفوسِ، أو الاستعانةُ على المباحاتِ، فأباحها الشارعُ لعدمِ الضررِ الراجحِ، ولم يأمُرْ بها ويرغِّب فيها؛ لأنها ليست مما يحتاجُه المسلمونَ، ولا يقوم دينهم إلا به كالرميِ والركوبِ، ولو خلا