للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مفارقةُ هذا لهذا، أو وجودُ هذا دون هذا، أو تحقيقُ ماهيةِ هذا دونَ هذا، ونحوُ ذلك؟

فعلى هذا التفسيرِ؛ لا تكونُ الصفةُ اللازمةُ للموصوفِ ولا البعضُ اللازمُ مغايرًا لكلِّه.

وعلى ذلك؛ فقولُه: (كلُّ ممكنِ القسمةِ لذاتِه ممكنُ الوجودِ لذاتِه)؛ جوابُه: أن لفظَ: (إمكانِ القسمةِ) فيه الإجمالُ المتقدمُ:

فإن أردت أنه يقبلُ مفارقةَ بعضِه لبعضٍ؛ فلا دليلَ على لزومِ ذلك بعلُوِّه على عرشِه.

وإن أردتَ به الامتيازَ الذي ذكَرْتَه والمغايرةَ التي عيَّنتَها؛ فلا نُسلِّمُ أن ما أمكنَ أن يميزَ منه شيءٌ عن شيءٍ يجبُ أن يكونَ ممكنَ الوجودِ لذاتِه، لا واجبَ الوجودِ لذاتِه؛ لا سيَّما على مذهَبِ أهلِ السُّنَّةِ الصفاتيةِ؛ فإن عندَهم: عالمٌ بعلمٍ، قادرٌ بقدرةٍ، حيٌّ بحياةٍ، وهذه معانٍ متميزةٌ ليس أحدُها هو الآخَرَ، بل وكذلك نُفاةُ الصفاتِ باتفاقِهم وجودُ واجبٍ قديمٍ في ذاتِه، عليمٍ قديرٍ، وليس المفهومُ من كلِّ اسمٍ هو المفهومَ من الآخَرِ؛ بل هو معانٍ متميزةٌ، وإن كان المسمَّى واحدًا، والمُعطِّلُ مُقِرٌّ بأنه موجودٌ، واجبٌ، قديمٌ، عاقلٌ، معقولٌ، عقلٌ، ونحوُ ذلك من المعاني المتميزةِ.

ودَعْواه أن هذه الأمورَ تعودُ إلى سلْبِ أوصافِه معلومٌ بالضرورةِ، وإن جوَّز عقلُه أن تكونَ هذه المعاني لا تعودُ إلا إلى عدمِ أوصافِه؛ أمكنَ منازِعُه أن يقولَ فيما يُثبِتُه من الصفاتِ والقدرِ مثلَ ذلك، ويقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>