للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الباب الثالث من الجزء الخامس قصة الجراد وإفنائه الزرع والشجر: "ورمته الريح في البحر فلما أخرجتها الأمواج إلى ريف إفرايقية أكداسًا على ذلك الريف حتى فسد منه الهواء مُسببًا للوباء العظيم في الناس والدواب". قال: "بحيث هلك ألوف بتلوثه، وسب في يوم واحد على باب من أقل أبواب المدينة نحو من ألف وثمانمائة جنازة" (١).

قلتُ: "الطاعون الذي لا يدخل المدينة ليس هو مجرد الموت الذريع، ولا كل ما يُسمى طاعونًا، بل الطاعون من عام وخاص، بدليل ما صح في البخاري ومسند أحمد وغيرهما عن أبي الأسود الدؤلي قال: "قدمت المدينة وقد وقع بها مرض والناس يموتون موتًا ذريعًا، فجلست إلى عمر بن الخطاب فمروا بجنازة فأثنوا عليها خيرًا فقال: "وجبت وجبت" قال: ومروا بأخرى فأثنوا عليها شرًا فقال: "وجبت وجبت" فقلت يا أمير المؤمنين: ما وجبت وجبت؟ فقال: قلت: كما قال رسول اللَّه: "أيما مسلم شهد له أربعة بخير أُدخل الجنة" قال: فقلنا: وثلاثة؟ قال: "وثلاثة" قال: قلت: واثنان؟ قال: "واثنان" قال: فلم نسأله عن الواحد" (٢). وفي رواية: "قدمت المدينة وإذا بها وباءٌ شديد" (٣). وفي رواية: "قدمت المدينة في خلافة عمر بن الخطاب وقد وقع بها الطاعون" (٤).

٤٣٣ - قال إبراهيم الحربي في غريب الحديث في مسند الصديق: حدثنا هارون بن عبد اللَّه (٥)، حدثنا وهب (٦)، حدثنا أبي (٧) قال: سمعت الأعمش، عن الزهري، عن عياض الكلبي (٨): أن أسامة أخبره: "ذكَرَ النبيُّ إنسانًا جاء من بعض الأرياف به الطاعون، فأفزع الناس فقال النبي : "أرجو أن لا يَطْلُعَ إلينا من نِقَابِها" (٩).


(١) جميع هذا النقل وما سبقه هو من كتاب القس الأندلسي هيرسيوس وهو مفقود.
(٢) أخرجه البخاري (رقم ١٣٦٨، ٢٦٤٣) والإمام أحمد (رقم ١٣٩، ٢٠٤، ٣١٨).
(٣) لم أجد هذه الرواية فيما بين يدي من المصادر.
(٤) أشار ابن حجر في الفتح إلى نحو هذه الرواية (١٠/ ١٨١) فقال: وما سبق في الجنائز من حديث أبي الأسود: "قدمت المدينة في خلافة عمر وهم يموتون موتا ذريعًا".
(٥) هارون بن عبد اللَّه بن مروان البغدادي، أبو موسى الحمال البزاز، ثقة م ٤. تقدمت ترجمته في الحديث (رقم ٦).
(٦) وهب بن جرير بن حازم أبو عبد اللَّه الأزدي البصري، ثقة ع. تقدمت ترجمته في الحديث (رقم ١).
(٧) جرير بن حازم الأزدي ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف وله أوهام إذا حدث من حفظه ع. تقدمت ترجمته في الحديث (رقم ٤٢٣).
(٨) عياض بن ضمري الكلبي. ابن عم أسامة بن زيد، وكان ختنه على ابنته، وقد قيل: عياض بن صبري. وثقه ابن حبان (٥/ ٢٦٥).
(٩) أخرجه الإمام أحمد (رقم ٢١٨٠٤) والطيالسي (رقم ٦٦٧) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (١/ ٤٠٨) والطبراني (رقم ٤٠١) وأبو خيثمة في تاريخه (رقم ١٣٥١) والضياء في المختارة من طرق (رقم ١٣٣٨، ١٣٣٩، ١٣٤٠) وقال: "إسناده صحيح".