للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَزِيزِ وَفَدَ الشُّعَرَاءُ إِلَيْهِ، فَأَقَامُوا بِبَابِهِ أَيَّامًا لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ مَرَّ بِهِمْ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ (١)، فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: الشُّعَرَاءُ بِبَابِكَ، وَسِهَامُهُمْ مَسْمُومَةٌ، قَالَ: وَيْحَكَ، مَا لِي وَلِلشُّعَرَاءُ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَدِ امْتُدِحَ فَأَعْطَى. قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: امْتَدَحَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ (٢) فَأَعْطَاهُ حُلَّةً (٣). قَالَ: أَوَ تَرْوِي مِنْ قَوْلِهِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَنْشَدَهُ:

رَأَيْتُكَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا … نَشَرْتَ كِتَابًا جَاءَ بِالْحَقِّ مَعْلما (٤)

شَرَعْتَ لَنَا دِينَ الْهُدَى بَعْدَ جَوْرِنَا … عَنِ الْحَقِّ لَمَّا أَصْبَحَ الْحَقُّ مُظْلِمَا

أَقَمْتَ سَبِيلَ الْحَقِّ بَعْدَ اعْوِجَاجِهِ … وَكَانَ قَدِيمًا رُكْنُهُ قَدْ تَهَدَّمَا

تَعَالَى عُلُوًّا فَوْقَ عَرْشٍ إِلَهُنَا … وَكَانَ مَكَانُ اللهِ أَعْلَى وَأَعْظَمَا

وَذَكَرَ تَمَامَهُ (٥).


(١) عَدِيُّ بنُ أَرْطَاةَ الفَزَارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، أَمِيْرُ البَصْرَةِ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، قُتِلَ سنة (١٠٢ هـ). قال ابن حجر: مقبول، بخ. سير أعلام النبلاء (٥/ ٥٣) التقريب (٤٥٣٨).
(٢) الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسِ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ جَارِيَةَ بْنِ عَبْدِ بْنِ عَبْسِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ بُهْثَةَ بْنِ سُلَيْمٍ السُّلَمِيُّ ، أَبُو الفضْلِ، وقيل: أبو الهَيْثَمِ، شاعر يُذْكَرُ بالفروسية والشجاعة، وله صحبة، أدرك الجاهلية والإسلام، أسلم قبل الفتح، وشهد حُنيناً، وكان من الْمُؤَلَّفة قلوبهم، ويقال: إنه ممن حرّم الخمر في الجاهليّة. انظر: الطبقات الكبرى (٤/ ٢٧١) تاريخ دمشق (٢٦/ ٤٠٢) الإصابة (٣/ ٥١٢) معجم أعلام شعراء المدح النبوي لمحمد أحمد درنيقة (١٦٥).
(٣) الحُلَّة: وَاحِدَةُ الحُلَلِ، وَهِيَ بُرُودُ الْيَمَنِ، وَلَا تُسَمَّى حُلَّة إِلَّا أَنْ تَكُونَ ثوبَين مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. النهاية (١/ ٤٣٢) مادَّة: حلل.
(٤) (مَعْلما) كذا ضبطها المصنِّف، بفتح فسكون.
(٥) إسناده ضعيف جدًّا. الذهبي: هو صاحب السِّيَرِ. وابن قدامة: هو أبو محمد موفق الدين، صاحب إثبات صفة العلو. وَيَحْيَى بْنُ بَوْشٍ: مضى [٧٣٨]. وَالْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا: وثقه البَرْقَانِيُّ، مضى [٧٩١]. وَالأَنْبَارِيُّ: مضى [٧٨٨].
الخبر أخرجه الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا في كتابه "الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي" (ص ٤٠ - ٤٣) بتمامه، ومن طريقه أخرجه المصنِّف.
وأخرجه ابن قدامة في إثبات صفة العلو (٢٤) بهذا الإسناد، واختصره، وأورده الذهبي في العلو (٨٤) عن الهيثم بن عدي، ثم عزاه إلى كتاب ابن قدامة المذكور.
وأخرجه ابن عساكر (١١/ ٢٥٩) (٤٥/ ٩١) عن أَبِي العِزِّ ابْنُ كَادِشٍ، بهذا الإسناد، واختصره جدًّا. وانظر: موارد ابن عساكر (٣/ ٢٠٢٨).
وأخرجه ابن الجوزي في المنتظم (٧/ ٣٥ - ٣٨) من طريق أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، عن الْمُعَافَى، به.
والخبر في سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي (ص ١٥٢) والبداية والنهاية (١٣/ ٤٥ - ٤٨).