للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثنا زياد (١)، أنَّ صالحًا مولى التَوْأَمة (٢) أخبره عن ابن عباس، عن النَّبيّ قال: "الرَّحِمَة شَجْنَةٌ آخِذَةٌ بحُجْزةِ الرَّحْمَنِ تَصِلُ مَن وَصَلَهَا، وَتَقْطَعُ مَنْ قَطَعَهَا" رواه الإمام أحمد (٣).

قال أبو عبيدة معمّر بن المثنى (٤): وقالوا: الرَحم شجنة من الله، وشِجنة قرابهُ اشتباك، كشجنة عروق القنا، وكأنَّ الشجون منه (٥).

قال محمد بن جرير (٦): الشجنة: الفعلة من قولهم: شجن فلان على فلان، إذا حزن عليه فهو شجن عليه شجنًا، وإنما عني بذلك أنَّها حزِنة مستعيذةٌ بالله مِنَ القَطِيعة (٧).

والحَقْو في كلام العرب: الإِزَار يجمع حُقيا (٨)، ومنه حديث أم عطية: "أَلْقَى إِلى النِّسْوَةِ حِقْوَه" (٩).

والحُجْزَة في كلام العرب: حُجْزَة إِزَار المؤتزر (١٠)، ومنه: "إنِّي آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّار (١١) " (١٢).


(١) زياد بن سعد بن عبد الرحمن الخراساني، ثقة ثبت قال ابن عيينة: كان أثبت أصحاب الزهري. ع. التقريب (رقم الترجمة ٢٠٨٠).
(٢) صالح بن نبهان مولى التَوْأَمة، صدوق اختلط بآخره، قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه. د ت ق. التقريب (رقم الترجمة ٢٨٩٢).
(٣) أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (٥٣٨) كما أورده المصنف من طريقه، وأخرجه الإمام أحمد (٢٩٥٦).
الحكم على الحديث: قال الألباني في "الصحيحة": إسناده حسن، والحديث جيد. (٤/ ١٣٢) برقم (١٦٠٢).
(٤) معمر بن المثنى، أبو عبيدة التيمي النحوي، اللغوي، صدوق أخباري، وقد رمي برأي الخوارج. خت د. التقريب (رقم الترجمة ٦٨١٢).
(٥) انظر: لسان العرب (١٣/ ٢٣٣).
(٦) محمد بن جرير الطبري، أبو جعفر من كبار أئمة الاجتهاد، كان ثقة صادقًا حافظًا [سبقت ترجمته بحديث رقم (٩٦)].
(٧) لعل الرواية في كتاب الآداب وهو مفقود.
(٨) معنى (حقو): قال ابن الأثير في "النهاية": الأصل في الحَقو: معقد الإزار، ثم سُمّي به الإزار للمجاورة، وفيه: "أنَّه أعطى النِّساء اللاتي غسلن ابنته حَقْوَه" أي إزاره. بتصرف (١/ ٤١٧).
(٩) هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر (١٢٥٣) وفي (١٢٥٤) وَ (١٢٥٧) وَ (١٢٥٨ - ١٢٦١ - ١٢٦٣)، ورواه مسلم في كتاب الجنائز، باب في غسل الميت (٣٦ - ٩٣٩/ ٤٠ - ٩٣٩).
والحديث عن أم عطية قالت: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ، فقال: "اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي"، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فقال: "أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ". يعني: اجعلنه لها شعارًا، والشعار: هو الثوب الذي يلي الجسد، فالصحابية أم عطية ومن معها أخذن إزار النَّبيّ فجعلنه يلي جسدها، لما جعل الله في جسده من البركة، وهذا من خصائصه ، فلا يتبرك بأحد غيره. المنحة في شرح البخاري (٣/ ٢٢٤).
(١٠) انظر: تاج العروس (١٥/ ٩٤).
(١١) فائدة من الحديث: فيه كناية عن حرصه على منع أمته عن الإتيان بالمعاصي التي تؤدي بهم إلى الدخول في النَّار. انظر: فتح الباري لابن حجر (١/ ١٠٢)، وشرح النووي على مسلم (١٥/ ٥٠).
(١٢) هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي (٦٤٨٣)، ورواه مسلم في كتاب الفضائل، باب شفقته على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم (١٩ - ٢٢٨٥) وَ (١٨ - ٢٢٨٤).