للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الزمخشري (١) في أساس البلاغة: ولي عليه شفقة، وشفَق: رحمة ورقة وخوف من حلول المكروه به مع نصح، وأشفقت عليه: أن يناله مكروه، وأنا مشفق عليه وشفيق وشفق. قال:

قل للأمير أمير آل محمد … قول امرئ شفق عليك محامي

وأنا مشفق من هذا الأمر: خائف منه خوفًا يرق القلب ويبلغ منه (٢).

١٤٨ - أخبرنا أبو الحجاج الحافظ (٣)، أنا ابن البخاري، وغير واحد قالوا: أنا ابن طَبَرزد، أنا ابن البَنّاء (٤)، أنا الجوهري (٥)، أنا القطيعي، ثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن ممسلم البصري، ثنا عمرو بن مرزوق (٦)، أنبأ شريك (٧)، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رفعه قال: "إنَّ الله لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا بِيَدهِ، وَضَعَهُ تَحْتَ عَرْشِهِ: "إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضبِي" (٨).


(١) محمود بن عمرو بن محمد الزمخمشري، أبو القاسم الخوارزمي، كبير المعتزلة، صاحب (الكشاف) و (أساس البلاغة)، كان رأسًا في البلاغة والعربية والمعاني والبيان، وله نظم جيد، وداعية إلى الاعتزال -الله يسامحه-، مات سنة (٥٣٨ هـ). أنظر: السير (٢٠/ ١٥١ رقم الترجمة ٩١).
(٢) أساس البلاغة للزمخشري (١/ ٥١٤)
(٣) رجال الإسناد: يوسف بن عبد الرحمن المزي أبو الحجاج، وعلي بن أحمد بن عبد الواحد البخاري، وعمر بن محمد بن معمر بن طبرزد، وأحمد بن الحسن بن أحمد بن البناء، أبو غالب [سبقت ترجمتهم بحديث رقم (٦٨)].
(٤) أحمد بن الحسن بن أحمد، أبو غالب بن البناء، شيخ صالح ثقة، الحنبلى، مسند بغداد، سمع: أبا محمد الجوهري، وله (مشيخة) بانتقاء الحافظ ابن عساكر، وله إجازة من البرمكي، وأبي الطيب الطبري، مات سنة (٥٢٧ هـ). السير للذهبي (١٩/ ٦٠٣ رقم الترجمة ٣٥٢).
(٥) رجال الإسناد: الحسن بن علي بن محمد الشيرازي، أبو محمد الجوهري، أحمد بن جعفر بن حمدان أبو بكر القطيعي، وإبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري [سبقت ترجمتهم بحديث رقم (٥٥)].
(٦) عمرو بن مرزوق الباهلي أبو عثمان البصري ثقة فاضل له أوهام. خ د. التقريب (رقم الترجمة ٥١١٠).
(٧) شريك بن عبد الله النخعي الكوفي، أبو عبد الله صدوق يخطئ كثيرًا حفظه منذ ولي القضاء. خت م ٤. التقريب (رقم الترجمة ٢٧٨٧).
(٨) فوائد من الحديث:
• فيه إثبات الرحمة والغضب لله كما يليق بجلالته وعظمته، وأنهما صفتان فعليتان من الصفات الفعلية.
• فيه إثبات الكتابة وأن الله تعالى يكتب، وهو من الصفات الفعلية.
• قوله: "إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي" فيه أنه ينبغي للإنسان أن يرجو ربه ويحسن الظن به لكن مع العمل، فمن حسن عمله حسنت ظنونه، ومن ساء عمله ساءت ظنونه، قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ انظر: المنحة في شرح البخاري (١٣/ ٧٨٧) وما بعدها.