للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول يعجبني أن أقرأ ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)[سورة الصافات: ١٢] خلافًا للجهمية، وكان يفضل عليٌ الكسائي في زمانه (١).

قلت: مت هذا يكنى أبا عبد الله أحد القراء له ترجمة في تاريخ نيسابور.

٢٩٣ - وقال أبو المثنى معاذ بن المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري (٢): ثنا سليمان بن حرب (٣)، ثنا جرير بن حازم (٤)، عن سليمان الأعمش، عن أبي وائل سمعت شريحًا يقرأ ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ﴾ فقلت له: إنَّما سمعت عبد الله يقرأ ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ﴾ قال: فلم يرجع شريح عن قرآته (٥).

وقال تعالى: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥)[البقرة: ١٧٥] وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ﴾ [الرعد: ٥]، ولا يلزمه شيء مما يلزم تعجب المخلوقين، لأنَّ الله ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته سبحانه وتعالى عما يقول المشبّهة والمعطلة عُلوًا كبيرًا.

فلا يجمع بين صفاته وصفات خلقه إلا مجرد التَّسمية، فنحنُ لنا عِلم وقدرة وسمع وبصر -ورضًى وغضب وتعجّبٌ حقيقة، وهي أعراض كما تناسِب ذواتنا، والله ﷿ له علم وقدرة وسمع وبصر ورضى وغضب وتعجب حقيقة غير أعراض، كما تناسب ذاته، لكنا لا نعلم حقيقتها وكيفيتها وماهيتها لأنا إذا كنا لا نعلم حقيقة الموصوف وكيفيته وكنهه فكيف نعلم صفاته، فإذا كان إثبات ذاته إثبات وجود حقيقة، لا إثبات كيفية وماهية، فكذلك إثبات جميع ما وصف بة نفسه إثبات وجود حقيقة لا إثبات كيفية وتحديد.


(١) كتاب الرد على الجهمية لابن أبي حاتم مفقود، وقد جمع الدكتور فهد النمري بعض أحاديث الكتاب.
(٢) معاذ بن المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري، أبو المثنى، ثقة متقن، سمع: القعنبي، ومحمد بن كثير، وعنه: أبو بكر الشافعي، والطبراني، مات سنة (٢٨٨ هـ). انظر: السير (١٣/ ٥٢٧ رقم الترجمة ٢٥٩).
(٣) سليمان بن حرب الأزدي الواشحي، البصري، قاضي مكة، ثقة إمام حافظ ع. التقريب (رقم الترجمة ٢٥٤٥).
(٤) جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، أبو النضر البصري، ثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه.
التقريب (رقم الترجمة ٩١١).
(٥) لم أقف على هذه الرواية.