للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَكَلَّمُ؟ قالوا: لا، قِيلَ: فَلَهُ يَدٌ؟ قَالُوا: لا، قِيلَ: فَلَهُ قَدَمٌ؟ قَالُوا: لا، قِيلَ: فلَهُ إِصْبَعٌ؟ قَالُوا: لا، قِيلَ: فَيَرْضَى؟ قَالُوا: لا، قيل: فَيَغْضَبُ؟ قَالُوا: لا، قِيلَ: فَلا رَبَّ لَكُمْ (١).

٣٢٧ - وقال أبو عبد الله بن بطة - في باب الإيمان بالتَّعجب -: قيل لإبراهيم النَّخعي إنَّ شريحًا قرأ ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)[سورة الصافات: ١٢] يعني بالفتح، فقال: كان شريحٌ معجبًا برأيه، عبد اللهِ أعلمُ من شريحٍ (٢).

قال ابن بطة: والتعجب عَلَى وجهين: [أحدهما] المحبةُ بتعظيم قدر الطَّاعة، والسُّخْط بتعظيم الذنْب (٣)، ومن ذلك قوله : "عجب ربنا من شاب ليست له صبوة" (٤).

[والثاني: التعجب] على معنى الاستنكار للشيء، وهو الجهل به قبل وقوعه ورؤيته تعالى الله عن ذلك (٥).

وما أحسن ما قال الإمام أبو سليمان الخطابي (٦): الكلام في الصفات فرعٌ على الكلام في الذَّات، فإذا كان إثبات ذاته إثبات وجودٍ لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إثبات وجود لا إثبات كيفية (٧).

قال الذهبي: فكذلك نثبت صفة التعجب أنها صفة لله تعالى كغيرها من صفاته المقدسة، وهي مباينة لصفات المخلوقين، ونعوت المجعولين، وإن اتفقت أسماؤها فهي مُنَزِّهة عن الأشباه بقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ


(١) رواه أبو يعلى الفرّاء في "إبطال التأويلات" (٣٨)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الحجة" (١/ ٤٧٧).
(٢) رواه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (٧/ ١٣١).
(٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "يتعجب لخروجه عن نظائره تعظيمًا له". (٦/ ١٢٣).
(٤) سبق تخريجه في حديث رقم (٣٠٠).
(٥) انظر: الإبانة الكبرى لابن بطة (٧/ ١٣١ - ١٣٢).
(٦) حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي، الخطابي أبو سليمان، صاحب التصانيف، ومنها: (غريب الحديث)، مات سنة (٣٨٨ هـ). السير (١٧/ ٢٣ رقم الترجمة ١٢).
(٧) أخرجه الخطابي في "الغنية عن الكلام"، كما في كتاب "الأربعين في صفات رب العالمين للذهبي (٩٧).