للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن طريف (١)، ثنا جابر بن نوح (٢)، عن الأعمش (٣)، عن أبي صالح (٤)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "تُضَامُونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، قَالَ: قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَتُضَامُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا سَحَاب؟ قَالَ: قلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ ﷿ كَمَا تَرَوْنَ القَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ لا تُضَافونَ فِي رُؤْيَتِهِ" (٥).

قال أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم القلانسي الرازي المتكلم: في قول الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)[القيامة: ٢٢ - ٢٣]: "فلما ذكر النظر إليه ولم يتبعه بما يدل على الانتظار أو العلم، ولا تقدم له أيضًا كلام يدل على أنه أراد الانتظار أو العلم صح أنه النظر بالعين".

قال: والدليل على ذلك: أنَّ الله كلما ذكر النظر بمعنى الانتظار ذكر بعده ما دل على ذلك، وهذا موجود في (تعارف) (٦) أهل الإسلام وأهل اللغة كلهم فمن ذلك قول الله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ [البقرة: ٢١٠]، وقوله: ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ [يس: ٤٩] وقوله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ﴾ [الأعراف: ٥٣] فكل هذا سبيل الانتظار.

وقوله جل وعز: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)[المطففين: ١٥] فإذا أوعد الكفار بالحجاب عنه، ووبخهم بذلك، صح أن المؤمنين غير محجوبين عنه بخروجهم من التواعد والتوبيخ، كما أنَّه إذا وعد الكفار بالنار والخذلان ووبخهم به، صح أن المؤمنين غير معذبين ولا مخذولين بخروجهم من التوعد والتوبيخ به، وإذا لم يكن بين الإحتجاب والنظر واسطة وفسد الإحتجاب عن المؤمنين صح لهم النظر، ولو جاز لقائل أن يقول: إن معنى قوله: ﴿إِنَّهُمْ


= (٣/ ٣٣٤) (رقم: ٩٠٦)، وتاريخ الإسلام (٧/ ١٣٨) (رقم: ٤٠٤).
(١) محمد بن طريف بن خليف البجلي، أبو جعفر الكوفي، صدوق، من صغار العاشرة. م د ت ق. التقريب (رقم: ٥٩٧٧).
(٢) جابر بن نوح الحِمّاني، أبو بحبر الكوفي، ضعيف، من التاسعة. ت س. التقريب (رقم: ٨٧٦).
(٣) سليمان بن مهران الأعمش، ثقة سبقت ترجمته في الحديث رقم (٧).
(٤) ذكوان السمان الزيات ثقة، ثبت سبقت ترجمته في الحديث رقم (٧).
(٥) رواه الترمذي في سننه برقم (٢٥٥٤) بنحوه. وقال: هذا حديث حسن غريب (٤/ ٢٧٠).
(٦) أقرب قراءة لها، وقد تكون (معارف).