للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)(١) [المطففين: ١٥] أنهم عن الثواب محجوبون، لجاز أن يُقال أن معنى قوله: ﴿وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعراف: ١٤٣] أنَّ جبريل كلمه، وأنَّ الثواب كلمه، والأمران جميعًا باطلان.

قال: وأما ما ذكر أن تأويل قوله -يعني-: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] الآية قد روي عن جماعة من السلف قال: هذا روي عن مجاهد، ولا يصح لأن هذا رواه ليث بن أبي سليم (٢)، وقد روي: "أنَّ هدم الإسلام في ثلاثة: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم". وإن كان البلخي (٣) وضروبه من الناس يعهدون في تأويل قول الله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)[القيامة: ٢٢ - ٢٣] على قول مجاهد من غير أن يصح، فليتعهد أيضًا على ما قال في تأويل قول الله: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] فإنَّه كفر وضلال عندهم، وبعد فلا يلتفت إلى مجاهد وغيره في هذا.

وقد روي عن رسول الله، وجماعة من الصحابة، وخلق من التابعين، في تأويل قول الله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] النظر إلى وجه الله، وفي غير ذلك. وفي قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)[القيامة: ٢٢ - ٢٣] أنَّه النَّظر إلى وجه الله ولو ذكرت كلما قيل في ذلك لطال الكتاب.

قال الشمس (الأرذكي) (٤): والنظر المعدَّى بإلى الرؤية.

والنابغة استتنى النظر عن الرؤية في قوله:

وَمَا رَأَيْتُكَ إِلّا نَظْرَةً عُرِضَتْ

قلت تمامه:

يَوْمَ النِّمَارة والمِأْمُورُ - المقدر - مَأْمُورُ (٥)


(١) أسقط المصنف كلمة (يومئذ)، ولم أقف عليها في القراءات المتواترة والشاذة.
(٢) الليث بن أبي سليم بن زُنيم، صدوق اختلط جدًّا ولم يتميز حديثه فترك. سبقت ترجمته في الحديث رقم (٤٣٥).
(٣) مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي الخراساني، أبو الحسن البلخي، نزيل مرو، ويقال له: ابن دوال دوز، كذبوه وهجروه ورمى بالتجسيم، من السابعة. ل. التقريب (رقم: ٦٨٦٨).
(٤) أقرب قراءة لها.
(٥) هو بيت شعر للنابغة الذبياني من قصيدة مطلعها:=