للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الجويني في الإرشاد: "والوجه القطع بأن القدرة الحادثة لا تؤثر في مقدورها أصلًا، فالإرادة المتعلقة بفعل العبد لا تؤثر في متعلقها" (١).

وقال الشهرستاني: "إن اللَّه تعالى أجرى سنته بأن يحقق عقيب القدرة الحادثة أو تحتها أو معها: الفعل الحاصل إذا أراده العبد وتجرد له، ويسمى هذا الفعل كسبة فيكون خلق من اللَّه تعالى إبداعًا وإحداثًا، وكسبًا من العبد حصولًا تحت قدرته" (٢).

وقال الجرجاني في شرح المواقف: "أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة اللَّه تعالى وحدها، وليس لقدرتهم تأثير فيها، بل اللَّه سبحانه أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختيارًا، فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنًا لهما فيكون فعل العبد مخلوقًا للَّه إبداعًا وإحداثًا، ومكسوبًا للعبد، والمراد بكسبه إياه: مقارنته وإرادته من غير أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلًا له" (٣).

قال البيجوري: "وقد عرفوا الكسب بتعريفين، الأول: أنه ما يقع به المقدور من غير صحة انفراد القادر به، وهو العبد ينفرد بذلك المقدور، وبل ومن غير صحة المشاركة، إذ لا تأثير منه بوجه ما، وإنما له مجرد المقارنه، والخالق الحق منفرد بعموم التأثير. والثاني: ما يقع به المقدور في محل قدرته، وبالجملة فليس للعبد تأثير ما، فهو مجبور باطنًا، مختار ظاهرًا" (٤).

وقال أيضًا: "ومعنى قولهم: من غير صحة إنفراد القادر به، من غير تجويز كون العبد منفردًا بفعل ذلك المقدور، بل ومن غير صحة كون العبد مشاركًا في فعل ذلك المقدور؛ إذ لا تأثير للعبد بوجهٍ ما، لا على الاستقلال ولا على المشاركة، واللَّه هو المنفرد بعموم التأثير، وليس للعبد إلا مجرد المقارنة وتوجه القصد" (٥).

وقال الدردير: "إن قدرته تعالى أبرزت الأشياء على طِبْق إرادته من العدم إلى الوجود، وهذا الإبراز هو المسمى بالإيجاد والاختراع، وهو المراد بتعلُّق القدرة القديمة، وأما قدرتنا فقد تعلقت ببعض الأفعال، وهي الأفعال الاختيارية، أي: التي لنا فيها الاختيار والميل والقصد من غير إيجاد واختراع، وهذا التعلق على طِبْقِ


(١) انظر: الإرشاد للجويني (ص ٢١٠) باختصار.
(٢) انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٩٧).
(٣) انظر: شرح المواقف للجرجاني (٨/ ١٦٣).
(٤) انظر: تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد لإبراهيم البيجوري (ص ١٧٦) باختصار.
(٥) انظر: تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد للبيجوري (ص ٢١٩).