• وقال شيخنا: محبة العبد ربه لنفسه قد يقال إنها مستحبة، وهي محبة المقربين الصديقين، ومحبته للأنعام محبة المقتصدين أصحاب اليمين، وقد يقال: كلاهما واجب، لكن المقربون يتقربون إليه بالنوافل بعد الفرائض، وهذا القول أصح، فإنه قد قال: ﴿والذين آمنوا أشد حبا لله﴾ [البقرة: ١٦٥]، فأخبر عن كل مؤمن بأنه أشد حبا لله، وهذا يتضمن حب نفس الله. فأما المحبة لما يصل إلى العبد من الإنعام فهو في الحقيقة ما أحب إلا النعمة، وحب الرب يكون وسيلة إليها، ومن أحب شيئا لأجل غيره فالمحبوب في الحقيقة هو ذلك الغير. وأيضا فإن الإلهية تتضمن أن يكون هو المحبوب، وهو يستحق الإلهية بذاته، فلا إله إلا هو، ومن كان لا يحبه إلا لغيره فإلهه في الحقيقة ذلك الغير. وأيضا فإن صلاح النفوس لا تحصل إلا بما يكون الله هو المطلوب المحبوب. وهذا في الفطرة التي فطر الله عليها بني آدم، والذين ينكرون محبة نفسه تكون محبة نفسه في قلوبهم، وإن لم يعلموا بذلك، كما أن الذي يدخل في الصلاة قد نوى بها وقد لا يظن أنه نوى بها بوجود الحب والإرادة. عظم الكلام بذلك.