للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهؤلاء الرافضة البويهيون المشركون هم أول من أظهر تلك المشاهد، حينها حكموا العراق، وأظهروا كثيرًا من البدع والمحدثات، حتى عمَّ الرفض، وكاد الإسلام أن ينمحي وينتقض.

قال الذهبي: "عضد الدولة فناخسرو بن حسن بن بويه الديلمي، كان شيعيًا جلدًا أظهر بالنجف قبرًا زعم أنه قبر الإمام علي، وبنى عليه المشهد، وأقام شعار الرفض، ومأتم عاشوراء، والاعتزال، فنحمد اللَّه على العافية، فلقد جرى على الإسلام في المائة الرابعة بلاء شديد بالدولة العبيدية بالمغرب، وبالدولة البويهية بالمشرق، وبالأعراب القرامطة، فالأمر للَّه تعالى" (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ظهر بنو بويه الأعاجم وكان في كثير منهم زندقة وبدع قوية وفي دولتهم قَويَ بنوا عبيد القداح بأرض مصر، وفي دولتهم أُظهر المشهد المنسوب إلى علي بناحية النجف، وإلا فقبل ذلك لم يكن أحد يقول: إن قبر علي هناك، وإنها دفن علي بقصر الإمارة بالكوفة. . . حتى إنهم كانوا يظهرون في دولتهم ببغداد يوم عاشوراء من شعار الرافضة ما لم يظهر مثله، مثل تعليق المسوح على الأبواب، وإخراج النوائح بالأسواق، وكان الأمر يفضي إلى قتال تعجز الملوك عن دفعه" (٢).

وقال ابن كثير في أحداث سنة ٣٥٨ هـ: "استقرت يد الفاطميين على دمشق في سنة ستين، كما سيأتي، وأُذِّنَ فيها: حي على خير العمل، أكثر من سبعين سنة، وكتبت لعنة الشيخين ، ولعن من لعنهما- على أبواب الجوامع بها وأبواب المساجد، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون" (٣).

ولم يكن في دول الإسلام من الشر والضلال والبدع والشرك مثل ما كان في الدولة البويهية، فقد كانت على العكس تمامًا من جميع الدول الإسلامية، وفيها من أصناف البدع والمحدثات والشركيات ما كان له أكبر الأثر على الخلافة العباسية والأمة الإسلامية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وفي دولة بني بويه ونحوهم الأمر بالعكس؛ فإنهم كان فيهم أصناف المذاهب المذمومة، قوم منهم زنادقة، وفيهم قرامطة كثيرة ومتفلسفة ومعتزلة ورافضة، وهذه الأشياء كثيرة فيهم غالبة عليهم، فحصل في أهل الإسلام والسنة في أيامهم من الوهن ما لم يُعرف، حتى استولى النصارى على ثغور الإسلام، وانتشرت القرامطة في أرض مصر والمغرب والمشرق وغير ذلك وجرت حوادث كثيرة" (٤).


(١) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (١٦/ ٢٥٠ - ٢٥٢).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٢٧/ ٤٦٦ - ٤٦٧).
(٣) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٥/ ٣١٨ - ٣١٩).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٤/ ٢٢).