للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سفيان بن عيينة: كلُّ ما وَصَفَ اللهُ نَفْسَهُ في كتابه فتفسيره قراءته والسُّكوت عنه؛ ليس لأحد أن يفسِّره إلاَّ الله ورسوله (١).

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كنت أنا وأبي عَابِرَيْنِ في المسجد، فسمع قاصًّا يقصُّ بحديث النُّزول، فقال: إذا كان ليلة النِّصف من شعبان ينزل الله ﷿ إلى سماء الدُّنيا بلا زَوَالٍ ولا انْتِقَالٍ ولا تغيُّر حال. فارتعد أبي واصفرَّ لَوْنُهُ، وَلَزِمَ يدي، وأمسكتُه حتَّى سكن ثمَّ قال: قف بنا على هذا المتخوِّض. فلمَّا حاذاه قال: يا هذا، رسول الله أَغْيَرُ على ربِّه ﷿ مِنْكَ، قل كما قال رَسُولُ الله . وانصرف (٢).

قال حمَّاد بن زيد: (هو في مكانه يقرب من خلقه كما يشاء). فعلق ابن رجب بقوله: (ومراده أنَّ نزوله ليس هو انتقالاً من مكان إلى مكان كنزول المخلوقين) (٣).

وقال ابن تيمية: فإن قال لنا: كيف النُّزول منه جلَّ وعزَّ؟ قلنا: لا نحكم على النُّزول منه بشيء، ولكنَّا نبيِّن كيف النُّزول منَّا، وما تحتمله اللُّغة من هذا اللَّفظ، والله أعلم بما أراد.

والنُّزول منَّا يكون بمعنيين:

أحدهما: الانتقال من مكان إلى مكان، كنزولك من الجبل إلى الحضيض، ومن السَّطح إلى الدَّار.

والمعنى الآخر: إقبالك إلى الشَّيء بالإرادة والنِّيَّة. كذلك الهبوط والارتفاع والبلوغ والمصير وأشباه هذا من الكلام (٤).

قال ابن القيِّم: وأمَّا الذين أمسكوا عن الأمرين وقالوا: لا نقول يتحرَّك وينتقل، ولا ننفي ذلك عنه، فهم أسعد بالصَّواب والاتِّباع (٥).


(١) لوامع الأنوار البهية، السفاريني (١/ ٢٦١).
(٢) الاقتصاد في الاعتقاد، لعبد الغني المقدسي (ص ١١٠).
(٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن رجب (٣/ ١١٧).
(٤) شرح حديث النزول، لابن تيمية (ص ٦١).
(٥) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (ص ٤٧٤).