للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وعقد لذلك عدة مجامع، من آخرها مجمعًا في مدينة كلارمون (١) الفرنسية في عام ٤٨٨ هـ، ولبى الدعوة كثير من الأمراء ورؤساء الكنائس والفرسان ووفود الملوك، زيادة على العامة والطغاة، وعُقد فيه عدة جلسات، لتأكيد ذلك الأمر وشحذ هممهم لقبولها والبدء بها" (٢). وقد تم بالفعل الإعداد لهذه الحملة وجمع العدة والعتاد.

وبدأت الحروب الصليبية في عام ٤٩٠ هـ، فكانت بلدة "نيقية" (٣) هي أول بلدة يحتلونها.

"وفي هذه السنة كان مبدأ تواصل الأخبار بظهور عساكر الافرنج من بحر القسطنطينية في عالم لا يحصى عدده كثرةً وتتابعت الأنباء بذلك فقلق الناس لسماعها وانزعجوا لاشتهارها. . . وقد كان الافرنج عند ظهورهم عاهدوا ملك الروم ووعدوه بأن يسلموا إليه أول بلد يفتحونه، ففتحوا نيقية وهي أول مكان فتحوه فلم يفوا له بذلك ولا سلموها إليه على الشرط، وافتتحوا في طريقهم بعض الثغور والدروب" (٤).

قال الذهبي: "ووصلوا إلى فامية (٥)، وكَفِرْطَاب (٦)، واستباحوا تلك النّواحي، فكان هذا أوّل مظهر الفرنْج بالشّام، قدِموا في بحر القُسطنطينيّة في جَمْعٍ عظيمٍ، وانزعجت الملوك والرّعيّة، وعظُم الخَطْب" (٧).

وفي عام ٤٩١ هـ احتل الصليبيون أنطاكية (٨)، وحاصروا معرة النعمان (٩)، فدخلوها وقتلوا ونهبوا (١٠)، حتى قيل: إنهم قتلوا من أهلها مائة ألف إنسان (١١).

وفي عام ٤٩٢ هـ سقط بيت المقدس في يد الصليبيين وذلك في يوم الجمعة ١٣ شعبان.


(١) مدينة فرنسية بأعلى نهر لالور. انظر: الحروب الصليبية في المشرق والمغرب لمحمد العروسي المطوي (ص ٤٧).
(٢) انظر: نفس المصدر (ص ٤٦ - ٤٧).
(٣) من أعمال استنبول. وهي المدينة التي اجتمع بها آباء الملة المسيحية، فكانوا ثلاثمائة وثمانية عشر. آباء يزعمون أن المسيح كان معهم في هذا المجمع، وهو أول المجامع لهذه الملة. انظر: آثار البلاد للقزويني (ص ٦٠٨).
(٤) انظر: تاريخ دمشق لابن القلانسي (١/ ٢١٨ - ٢١٩).
(٥) مدينة كبيرة وكورة من سواحل حمص، وقد يقال لها أفامية، بالهمزة في أوله. انظر: معجم البلدان لياقوت (٤/ ٢٣٣).
(٦) بلدة بين المعرّة ومدينة حلب في بريّة معطشة. المصدر السابق (٤/ ٤٧٠).
(٧) انظر: تاريخ الإسلام للذهبي (١٠/ ٤٨٥).
(٨) مدينة عظيمة بالشام على ساحل البحر حسنة الموضع كريمة البقعة ليس بعد دمشق أنزه منها داخلًا وخارجًا. انظر: الروض المعطار للحميري (ص ٣٨).
(٩) بليدة بين حلب وحماة، كثيرة التين والزيتون. انظر: آثار البلاد للقزويني (ص ٢٧٢).
(١٠) انظر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي (١٧/ ٤٣).
(١١) انظر: النجوم الزاهرة لأبي المحاسن (٥/ ١٤٦).