للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه الدلالة من الحديث:

الحديث يثبت أنَّ لله تعالى حدًّا؛ حيث نصَّ على مكانه، والمكان يَدُلُّ على أنَّ له حَدًّا، ولكن لا يعلمه إلاَّ هو (١).

قال الأزهري: قال أبو عبيد: العماء في كلام العرب: السَّحاب؛ أي: هو في ارتفاعه قد بلغ السَّحاب؛ فالسَّحاب ينجاب عنه؛ أي: ينكشف. قال أبو عبيد: وإنَّما تأوَّلنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم، ولا ندري كيف كان ذاك العماء. قال: وأمَّا العمى في البصر فمقصور، وليس هو من هذا الحديث في شيء.

قلت - الأزهري -: وقد بَلَغَنِي عن أبي الهيثم ولم يَعْزُهُ لي إليه ثِقَةٌ أنَّه قَالَ في تفسير هذا الحديث: ولفظه: إنَّه كان في عمىً؛ مَقْصُوْرٌ. قال: وَكُلُّ أَمْرٍ لا تدركه القلوب بالعقول فهو عمىً. قال: والمعنى أنَّه كان حيث لا يدركه عقول بني آدم، ولا يبلغ كُنْهَهُ وَصْفٌ (٢).

أدلة القول الثاني:

أولاً: القرآن الكريم:

قوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [سورة الأنعام آية: ١٠٣]. أي: بِلا حَدٍّ، ولا غَايَة (٣)، وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [سورة طه آية: ١١٠].

وجه الدلالة من الآيتين:

لا تدركه؛ أي: لا تُحِيطُ به. وهذا يَقْتَضِي أَنْ لا حَدَّ له (٤).


(١) إثبات الحدِّ لله تعالى، محمود ابن أبي القاسم الدشتي (ص ١٣٠).
(٢) تهذيب اللغة، الأزهري (٣/ ١٥٦).
(٣) العرش، الذهبي (١/ ٢٥٨).
(٤) أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي (٢/ ١٧٦).