للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر (١).

وعن عكرمة في قوله: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم: ٤٢] قال: هو يَوْمُ كَرْبٍ وشدَّة (٢).

قال الخطابي: وقال غير ابن عباس من أهل التَّفسير والتَّأويل في قوله: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم: ٤٢] أي: عن الأمر الشَّديد. وأنشدوا:

قد شمَّرت عن ساقها فشدُّوا

وجدَّت الحرب بكم فجدُّوا

وقال بعض الأعراب:

عجبت من نفسي ومن إشفاقها

ومن طرادي الطَّير عن أرزاقها

في سنة قد كشفت عن ساقها

وإنَّما جاء ذكر الكشف عن السَّاق على معنى الشِّدَّة (٣).

قال ابن كثير: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [القلم: ٤٢] يعني: يوم القيامة، وما يكون فيه من الأهوال والزَّلازل والبلاء والامتحان والأمور العظام (٤).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا رَيْبَ أنَّ ظَاهِرَ القرآن لا يَدُلُّ على أنَّ هذه من الصِّفات؛ فإنَّه قال: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم: ٤٢] نَكِرَةٌ في الإثبات لم يُضِفْهَا إلى الله، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التَّعريف بالإضافة لا يَظْهَرُ أنَّه من الصِّفات إلاَّ بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل؛ إنَّما التَّأويل صَرْفُ الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف (٥).

مناقشة:

القول بأنَّ المراد بالسَّاق الشِّدَّة لا يَصِحُّ من وُجُوهٍ:

- الأوَّل: لغة العرب في مثل ذلك أن يُقَالَ: «كَشَفَتِ الشِّدَّةُ عن القوم» لا: كُشِفَ عنها، كما


(١) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبري (٢٣/ ١٨٩).
(٢) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبري (٢٣/ ١٩٥).
(٣) أعلام الحديث، الخطابي (٣/ ١٩٣٠).
(٤) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (٨/ ١٩٨).
(٥) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٦/ ٣٩٥).