للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البرقاني (١): "بِذِرَاعِ الجبَّارِ ﷿" وعليه تصحيح، وهذا يدلُّ على أنَّه كان في الأصل الذي نقل منه هكذا، ونرى أنَّ الكاتب سبق إلى وهمه أنَّ الجبَار في هذا الموضع هو الله تعالى، فكتب ﷿، ولم يعلم أنَّ المراد أحد الجبارين الذين عظم خلقهم وأوتوا بسطًا في الجسم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ﴾ [سورة المائدة: ٢٢]. ا. هـ (٢)

ولذلك فقد اختلف أهل العلم في فهم الأحاديث الواردة بخصوص صفة الذِّراع فحمله بعضهم على أنَّها من أحاديث صفات الباري ﷿، ونفى الآخرون ذلد وتأوّلوها تأويلًا يجعله ليس من أحاديث الصِّفات.

فإيراد ابن أبي عاصم له ضمن أبواب أحاديث الصِّفات في كتاب: "السُّنَّة في (٣) يدلّ على أنَّها عنده من أحاديث الصِّفات، وكذا صنيع المؤلف ابن المحب الصَّامت - رحمها الله -.

وتأوّله آخرون بما يجعله ليس من أحاديث الصِّفات، وأخصّ بالذكر منهم هنا من عُرفوا باتِّباع منهج السَّلف في باب الأسماء والصِّفات الإلهية، كابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" (٤)، والأزهري في "تهذيب اللغة؟ " (٥)، والذَّهبي حيث قال - فيما نقله عنه المناوي في "فيض القدير": "ليس ذا من أحاديث الصفات في شيء" (٦).

والذي جعله من أحاديث الصِّفات أثبت به صفة الذَّراع لله ﷿، لكن دون تشبيه ولا تجسيم، كما أثبت السَّلف صفة الوجه واليدين.


(١) أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب البرقاني، أبو بكر الشافعي، الإمام الفقيه الثبت، شيخ الفقهاء والمحدِّثين، صاحب التصانيف، حدَّث عنه: أبو بكر البيهقي، والخطيب، وقال عنه: كان ثقةً ورعًا ثبتًا فَهمًا، لم نرَ في شيوخنا أثبت منة، عارفًا بالفقه، كثير الحديث: صنَّف مسندًا ضمَّنه ما اشتمل عليه (صحيح البخاري ومسلم)، وجمع أحاديث سفيان الثوري وشعبة ومطر الوراق وغيرهم، ولم يقطع التصنيف إلى حين وفاته، مات سنة (٤٢٥ هـ). انظر: تاريخ بغداد (٥/ ١٣٧ رقم الترجمة ٥٦٢)، السير (١٧/ ٤٦٤ رقم الترجمة ٣٠٦).
(٢) الكفاية في علم الرواية" (ص ٢٤٣) وما بعدها.
(٣) ابن أبي عاصم في "السُّنَّة" (١/ ٢٧١).
(٤) ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث"، تحقيق: سليم الهلالي (ص ٤٠٥).
(٥) (١١/ ٤١).
(٦) (٤/ ٢٥٥).