للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنها من حوادث وقتال، فأوجد ذلك جوًا من القلق وعدم الاستقرار. وزاد من سوء الأمر أن السلاطين عجزوا عن كبح جماح مماليلكهم، مما جعلهم لا يستطيعون الحفاظ على مراكزهم سوى بضرب طوائف المماليك بعضها ببعض.

ومع ذلك استطاع المماليك حصر خلافاتهم ونزاعاتهم داخل دائرة داخلية بحتة، لا تسمح لأي قوة خارجية بالتدخل في شؤونهم.

وبالتالي استطاعت التصدي والوقوف في وجه تيمولثك، في وقت اهتزت جميع الدول القائمة في غرب القارة الأسيوية أمام هجماته (١).

• ويمكننا القول بأن الدولة المملوكية - بطوريها - استطاعت إحياء الجهاد الإسلامي للدفاع عن الدين والأرض ضد الأخطار التي هددت المنطقة من جانب الصليبيين والمغول والغرب الأوربي أحيانًا، وأحرزوا باسم الإسلام انتصارات باهرة وما زالت مواقع عين جالوت، ومَرْج الصفر (٢)، والمنصورة، وفارسكور (٣)، وأنطاكية، وطرابلس، وعكا، حية في التاريخ تشهد لهم بالبطولة والشجاعة، ويرجع ذلك بفضل أولًا تم فضل جيوشهم الأكثر عددًا والأدق تنظيمًا.

فنجدها من أقوى الدول بحكامها الأقوياء التي استطاعت القضاء على بقايا الصليبيين، وأوقفت الزحف المغولي على بلاد المسلمين، وخطب ودها ملوك أوربا وآسيا، وانتقل في عهدها مقر الخلافة العباسية من بغداد إلى القاهرة، وطبعت البلاط المملوكي بنظام خاص لم يكن موجودًا من قبل، ونظمت الدواوين، وحددت اختصاصات كبار الموظفين، وأسست أول جيش نظامي في مصر في العصور الوسطى (٤).

• وحينما ولد الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب الصامت كانت الشام في ذلك الوقت تحت الحكم المملوكي، وسلطان البلاد الملك الناصر محمد بن المنصور قلاوون (٥) - رحمه


(١) انظر: المرجع السابق (ص: ٢٣٠).
(٢) موضع بين دمشق والجولان، وهو سهل وأسع على مسافة ٣٧ كيلًا جنوب دمشق، وفي شرقي قرية شقحب (في سورية)، ويشمل بعض أراضي قرى زاكية وشقحب وأركيس والزريفية. وكانت بها وقعة مشهورة في أيّام بني مروان.
انظر: معجم البلدان (٣/ ٤١٣)، والمعالم الأثيرية في السنة والسيرة لمحمد شراب (ص: ٢٤٨).
(٣) مدينة على ساحل النيل. رحلة ابن بطوطة (١/ ٢٤).
(٤) انظر: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام لمحمد سهيل طقوش (ص: ٩،٨).
(٥) محمد بن قلاوون بن عبد الله الصالحي الملك الناصر بن المنصور (٦٨٤ - ٧٤١ هـ) ولي السلطنة وعمره تسع سنين، ثم =