للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خضعوا للأمر الواقع، ورضوا بسيطرة المماليك عليهم.

وانقسموا إلى قسمين:

١/ الحضر: وهم أهالي المدن والقرى الشامية، فقد اشتغلوا بالنشاط الاقتصادي من صناعة وتجارة وزراعة، وكان كل ما يطمعون له هو أن يتولى أمرَهم نائب عادل يُحسن معاملتهم ولا يحرمهم حقوقهم، ومن الواضح أن النشاط الاقتصادي الذي نهض به الحضر من أهل الشام نتج عنه نوعًا من الاستقرار والهدوء، مما جعلهم ينجحون إلى مسالمة المماليك ولا يحاولون الخروج عن طاعتهم أو المشاركة في الثورات الي اعتاد أن يقوم بها بعض نواب الشام بين حين وآخر، وبخاصة عند قيام سلطان جديد بمصر.

٢/ البدو: تألفوا من العشائر المنتشرة في بادية الشام، وكان لكل عشيرة أفخاذها وبطونها، ومنهم من كان في أطراف الشام وهؤلاء قد لجؤوا إلى الخروج عن سلطان الدولة، فقد كان أولئك البدو يحالفون التتار مرة والمماليك مرة أخرى، لينجوا بأنفسهم وقومهم من سطوة المنتصر منهم، مع أنهم مخطئون في ولائهم للتتار الكفار، ومنهم قبائل انتشرت في داخل بلاد الشام وهؤلاء كانوا أكثر ارتباطًا بشعور الولاء للدولة.

إضافة إلى وجود العصبيات العنصرية ببلاد الشام - كالأكراد والتركمان والأرمن -، وكذلك وجود العصبيات الدينية والمذهبية - كالشهابيون الدروز والنصيرية والإسماعيلة - والتي كان لها دور كبير في الأحداث التي شهدتها بلاد الشام (١).

ومع انقسام المجتمع إلى طبقات مختلفة، جرت فتن عظيمة، وانتشار للأوبئة والأمراض أبرزها الطاعون الذي فتك بالكثير، ومات فيه كثير من الناس.

ففي سنة (٧٤٩ هـ): كثر الموت في الناس بأمراض الطواعين، وزاد الأموات في كل يوم على المائة، وعمّ سائر الدنيا، حتّى قيل: إنه مات نصف الناس حتى الطّيور، والوحوش، والكلاب (٢).

وفي سنة (٧٦٤ هـ): كثرت المياه، وزادت الأنهار زيادة كثيرة جدا، حتى فاض الماء في سوق الخيل من نهر بردى وسقطت بسبب ذلك بنايات ودور كثيرة، وتعطلت طواحين كثيرة


(١) انظر: مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك (ص: ٣١٢ - ٣١٨)، وشذرات الذهب (٨/ ٢٧١).
(٢) انظر: البداية والنهاية (١٤/ ٢٢٦).