للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكى شيخنا أبو العباس ما قاله أهل الهيئة: "أن البحر محيط بالأرض من خمسة أساسها، وإنما الظاهر منها أكثر من السدس بقليل، فما يقال أنه ستة وستون درجة من ثلاثمائة وستين درجة معها من البحار كبحر فارس والروم، وكان القياس أن البحر يغمر الماء للأرض من جميع الجوانب لولا أن اللَّه سبحان أيبس ما أيبسه منها، وأنضب عنه الماء، فصارت الأرض كوجه البطيخة في بركة محيطة بأكثرها، وأرساها سبحانه بالجبال فإنها بثقلها كيلا تميل كما تميل السفن في البحر، وفي المسند عن النبي أنه قال: "ما من ليلة إِلا والبحر يستأذن ربه أن يغرق بني آدم فيمنعه ربه من ذلك ولو أذن له لأغرقهم" (١). وما يروى في الآثار من أن الأرض على الماء، والماء على الهواء موافق لهذا، لكن قالوا: أنها على الماء والماء على الهواء باعتبار الجهة الإضافية الخيالية، كمن يتوهم أن البحر الذي من الناحية الأخرى هو تحت الأرض فيلزم أن يكون الهواء فوقه على هذا الاعتبار، وإلا فالهواء أبدًا فوق الماء، والماء أبدًا فوق الأرض، إِلا من هذه الجهة التي أيبسها اللَّه ووضعها للأنام" (٢).

٣٠٦ - قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن علي بن عمر العسقلاني (٣)، حدثنا روَّاد بن الجراح (٤)، حدثنا أبو جعفر الرازي (٥)، عن الربيع بن أنس (٦)، عن كعب الحبر قال: "السماء الدنيا بحر مكفوف والسماء الثانية مرمرة بيضاء والسماء الثالثة حديد والسماء الرابعة نحاس، والسماء الخامسة فضة، والسماء السادسة ذهب، والسماء السابعة ياقوتة حمراء، وما فوق ذلك صحاري من نور، ولا يعلم ما فوق ذلك إِلا اللَّه، وملَك موكل بالحُجُب يقال له مَيْطا طروش" (٧).


(١) أخرجه الإمام أحمد (رقم ٣٠٣) بلفظ: "ليس من ليلة إِلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات على الأرض، يستأذن اللَّه في أن ينفضخ عليهم فيكفه اللَّه ﷿". وفي سنده العوام بن حوشب، وهو ضعيف، وفيه راوٍ مجهول. قال ابن كثير في تفسيره (٧/ ٤٣٠): "فيه رجل مبهم لم يسم". وضعفه الألباني في الضعيفة (رقم ٤٣٩٢).
(٢) لم أجده في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، وفي كتابه درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٩) أشار إلى شيء من ذلك.
(٣) الحسن بن علي بن عمر العسقلاني، ختن رواد. روى عنه أبو حاتم الرازي وقال: صدوق. الجرح والتعديل (٣/ ٢٢).
(٤) روَّاد بن الجراح أبو عصام العسقلاني صدوق اختلط بأخرة فترك. تقدمت ترجمته في الحديث (رقم ٢٩٧).
(٥) أبو جعفر الرازي التميمي مولاهم مشهور بكنيته واسمه عيسى بن أبي عيسى عبد اللَّه بن ماهان صدوق سيء الحفظ خصوصا عن مغيرة بخ ٤. التقريب لابن حجر (رقم ٨٠١٩).
(٦) الربيع بن أنس البكري أو الحنفي بصري صدوق له أوهام ورمي بالتشيع ٤. نفس المصدر (رقم ١٨٨٢).
(٧) لم أجد من أخرجه غير المؤلف، وهو أثر ضعيف جدًا، وكعب الأحبار يروي الإسرائيليات.