للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّه أجل وأكرم من أن يعذب على طاعته، ألم تر إلى قوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ [إبراهيم: ٣٣] أي: في طاعة اللَّه؟ فقال حذيفة: بينما نحن عند رسول اللَّه إذ سئل عن ذلك؟ فقال: "إن اللَّه لما أبرم خلقه أحكامًا فلم يبق من غير آدم، خلق شمسين من نور عرشه، فأما التي كان في سابق علمه أن يطمسها ويحولها قمرًا فإنه خلقها دون الشمس في الضوء ولو تركها شمسين كما خلقها في بدء الأمر لم يعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل" إلى أن قال: "فأرسل جبريل فأمر بجناحه على وجه القمر ثلاث مرات وهو يومئذ شمس فمحا عنه الضوء وبقي فيه النور، فذلك قوله: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: ١٢] فالسواد الذي ترونه في القمر شبه الخطوط إنما هو أثر ذلك المحو، قال: وخلق اللَّه الشمس عجلةً من ضوء نور العرش، لها ثلاثمائة وستون عروة، وخلق القمر مثل ذلك، وكَّلَ بالشمس وعجلتها ثلاثمائة وستين ملكًا من ملائكة أهل السماء الدنيا قد تعلَّق كل ملَك منهم بعروة من تلك العُرى، والقمر مثل ذلك وخلق اللَّه لهما مشارق ومغارب في قطري الأرض، وكنفي السماء ثمانين ومائة عين في المشرق، وثمانين ومائة عين في المغرب، فكل يوم لهما مطلع جديد ومغرب جديد، فأطول ما يكون من النهار في الصيف إلى آخرها مطلعًا وآخرها مغربًا، وأقصر ما يكون من النهار في الشتاء وذلك قول اللَّه: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧)[الرحمن: ١٧] وجمع عدتها بعد فقال: ﴿بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠]، قال: وخلق اللَّه بحرًا بينه وبين السماء مقدار ثلاث فراسخ وهو قائم بأمر اللَّه في الهواء لا يقطر منه قطرة، والبحار كلها ساكنة، وذلك البحر جار في سرعةِ السهم، فتجري الشمس والقمر والنجوم الجنس في حَنَكِ البحر، فإذا طلعت الشمس فإنها تطلع من بعض تلك العيون على عجلتها ومعها ثلاثمائة وستون ملكًا يجرونها في البحر، والقمر كذلك، فإذا أراد اللَّه أن يرى العباد آيةً خرت الشمس عن عجلتها فتقع في غمر ذلك البحر" إلى أن قال: "فإذا غربت في سرعة طيران الملائكة الى السماء السابعة فتسجد تحت العرش بمقدار الليل، ثم تؤمر بالطلوع من المشرق فتطلع من العين التي وقت اللَّه لها، وقد وكل اللَّه بالليل ملكًا، وخلق اللَّه حُجبًا من ظلمةٍ، فإذا غربت الشمس أقبل ذلك الملَك فقبض قبضةً من ظلمة ذلك الحجاب، ثم استقبل المغرب فلا يزال يراعي الشفق ويرسل تلك الظلمة من خلال أصابعه قليلًا قليلًا، حتى إذا غاب الشفق أرسل الظلمة كلها، ثم نشر جناحيه فيبلغان قطري الأرض وكنفي السماء، ثم يسوق ظلمة الليل بجناحيه إلى المغرب قليلًا قليلًا حتى إذا بلغ الفجر انفجر الصبح من المشرق، ثم ضم الظلمة بعضها إلى بعض، ثم قبض عليها بكف واحدة، فلا تزال الشمس والقمر كذلك حتى يأتي الوقت الذي ضُرب لنوم العباد". رواه ابن جرير في أوائل تاريخه (١): عن محمد


(١) أخرجه الطبري (١/ ٦٣) وابن الجوزي في الموضوعات الكبرى مختصرا (١/ ١٣٩ - ١٤٠) وقال: "هذا حديث موضوع لا شك فيه، وفي =