للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: "الناظر في النيِّرين والكواكب يجدها بأسرها متحركة بالحركة اليومية، يطلع ما يطلع منها من المشرق ويسير إلى المغرب ويُخفي فيه، وبعد خفائه مدةً يعود إلى المشرق ثانيًا ويطلع كما طلع أولًا وهكذا دائمًا، ويتحرك ما لا يطلع فيها على موازاته، ثم نجدها بنظرٍ أدق من الأول متحركة حركة بطيئة مخالفة للأولى، كأنها من المغرب إلى المشرق، وإنما امتازت هذه الحركة من الأولى باختلاف المنطقتين والأقطاب وذلك لأن الإحساس بحركتين مختلفتين في كُرةٍ واحدةٍ على منطقة وقطبين بأعيانها ممتنع، بل إنها تحس فيها بحركة واحدة هي مركبة من مجموعهما إن كانتا إلى جهة أو حاصلة من فعل أسرعها على إمكانها إن كانتا إلى جهتين، وكذلك الحكم فيما زاد على ذلك، وهاتان الحركتان متشابهتان في أنفسها شاملتان لجميع ما يحطن به علوًا من الكواكب والأجرام، ثم إنه نجد النيرين والخمسة من الكواكب ذوي حركات مختلفة غير متشابهة لا في أنفسها، ولا تُقاس بعضها إلى بعض، وكذلك أثبت أهل هذا العلم تسعة أفلاك في بادئ نظرهم، اثنين منها للحركتين المذكورتين، وسبعة للسيارات السبعة، ولما لم يكن لباقي الكواكب حركة غير الأولتين اكتفوا بإحدى فلكيها مكانا لها، وإن كان كونها على أفلاكٍ شتى جائزًا، وأيضًا أشار إحدى الأولين إلى المجموع لا إلى فلك خاص به لم يكن ممتنعًا، لكنهم لم يذهبوا إلى ذلك فجعلوا أعلى الأفلاك للحركة الأظهر على أنه غير مكوكب، وسمُّوه فلك الأفلاك، والفلك الأطلس وتالِيَة للحركة الأخفى، وجعلوه مكانًا لسائر الكواكب وسمُّوه فلك البروج وفلك الثوابت، وسمُّوا كواكبه ثوابتًا، إما لقلة حركاتها الثابتة أو لثبات أوضاعها أبدًا، والسبعة الباقية للسيارات السبعة على ترتيب خسف بعضها بعض أقصاها لزُحل وما يليه للمشتري ثم للمريخ والأدنى للقمر والذي فوقه لعطارد ثم للزهرة، وجعلوا الشمس في الفلك الأكبر بين هذه، وفلك وإن لم ينكسف إلا فالقمر استحسانًا لما في ذلك من حُسن الترتيب وجَودةِ النظام؛ إذ النسبة مربوطة عليها العلوية بوجهٍ والسُّفليان بوجهٍ آخر والقمر بوجه آخر غيرهما وكان أيضًا بعدها معلوم من الأرض مناسبًا لهذا الوضع، وقد قيل: إن الزُّهرة رُؤيت في بعديها الأبعد والأقرب كاسفة أيامًا كخالة في صفحتها، ويجب أن ينقسم كل واحد من الأفلاك التسعة إلى أفلاك تتألف حركة كوكبة المركَّبةِ منها مطابقة لما يوجد، فهذه التسع هي التي لم تحو ردًا أن يكون أقل منها، وأما في جانب الكثرة فلا قطع ويفلك القمر تتناهي الفلكيات، ويكون ما دونه العنصريات، وهي أيضًا طبقات: طبقة النار الصرف، ثم طبقة لما يمتزج من النار والهواء الحار التي تتلاشى فيها الأدخنة المرتفعة من السفل تتكون فيها الكواكب ذوات الأذيان والنيازك وما يشبهها، وربما يوجد بتحركه بحركة الفلك تشبيهًا له، ثم طبقة الهواء الغالب التي تحدث فيها الشهب، ثم طبقة الزمهرير التي هي منشأ السحب والرعد والبرق والصواعق، ثم طبقة الهواء الكثيف المجاور للأرض والماء، ثم