للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طبقة الماء وبعض هذه الطبقة منكشفة عن الأرض، ثم طبقة الأرض المخالطة لغيرها التي يتولد فيها الجبال والمعادن و كثير من النباتات والحيوانات، ثم طبقة الأرض الصرفة المحيطة بالمركز".

قلت: "في بعض ما ذكره هؤلاء نزاع، وقد ذكر ذلك القاضي أبو بكر بن الطيب (١) في كتاب الدقائق (٢) وذكر قوم أن الأفلاك أطواق تجري فيها النجوم والشمس والقمر، والسماء فوقها كما تقدم، فلا يقاس فتنبه له".

وفي كتاب جوامع علم النجوم (٣) لأحمد بن محمد بن كثير الفرغاني الحاسب (٤): "دور الفلك الأعظم أربعمائة ألف ألف ميل وعشرة ألف ألف وثمانمائة وخمسة عشر ألفًا وخمسة وسبعون ميلًا، ومساحة كل درجة من الفلك الأعظم ألف ألف ميل ومائة ألف وأحد وأربعين ألفًا ومائة وستون ميلًا" (٥).

قال أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن بن بَرَّجَان في تفسيره في سورة الأنعام: "ذكر الذين تعاطوا معرفة أجرام الكواكب وأبعاد الأفلاك فزعموا أن الشمس هي أكبر من الأرض بمائة وثمانين ضعفًا، ومنهم من زاد على ذلك إلى ثلاثمائة ضعف، وكذلك قالوا في القمر وسائر الكواكب بالزيادة على الأرض، وفاضلوا بين ذلك، فكأن كان المعنى فيهم موضع المضاعفة طريق الشمس في فلكها من مشرقها إلى مغربها ثم بصعودها في أعلى مسالكها في ذلك ومنازلها إلى أدنى ذلك في المشارق والمغارب، فربما قالوا أو ظن بهم ذلك، وإن كان غير مدَرك لبشرٍ من غير توقيف نبوة ولا إعلام بوحيٍ من عند اللَّه، وإن كان المعنيُّ بذلك قرص الشمس، فالمشاهدة تبطل ذلك، وإنما أوقعهم في هذا التهافت ما رأوه من أمر اللَّه المجعول فيها وبها، وذلك أن اللَّه جعلها شخصًا محاطًا به محصورًا، له مقدم ومؤخر وجنبات، رفعه اللَّه ﷿ لك في لوح الجود، وأجراها في الفلك الرابع الذي هو أول أفلاكه فلك القمر،


(١) الإمام العلامة أوحد المتكلمين مقدم الأصوليين، القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم البصري ثم البغدادي ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه، كان ثقة إماما بارعا، صنف في الرد على الرافضة والمعتزلة والخوارج والجهمية والكرامية، وانتصر لطريقة أبي الحسن الأشعري، وقد يخالفه في مضائق، فإنه من نظرائه، وقد أخذ علم النظر عن أصحابه، وإليه انتهت رئاسة المالكية في وقته، وكان له بجامع البصرة حلقة عظيمة، ثلاث وأربعمائة. انظر السير للذهبي (١٧/ ١٩٠).
(٢) اسمه: دقائق الكلام والرد على من خالف الحق من الأوائل ومنتحلي الإسلام. وهو في الرد على الفلاسفة وعلى المنجمين. انظر: منهاج السنة لابن تيمية (٥/ ٢٨٣).
(٣) يوجد منه نسخة خطية، تقع في ٢٣٠ ورقة، تاريخ النسخ ٢٢ ذي الحجة ١٠٦٨ هـ. الناسخ: خليل بن أحمد التونسي.
(٤) أحمد بن محمد بن كثير الفرغاني أحد منجمي المأمون وصاحب المدخل إلى علم هيئة الأفلاك وحركات النجوم وهو كتاب لطيف الجرم عظيم الفائدة مضمن ثلاثين بابا احتوت على جوامع كتاب بطليموس بأعذب لفظ وأبين عبارة. انظر: الأخبار العلماء للقفطي (ص ٦٥).
(٥) انظر: مخطوط جوامع علم النجوم وأصول الهيئة وحركات الأشخاص السماوية، ويسمى: المجسطي للفراغاني نفسه (ق ١٤٥).